الاكتفاء بقصد أربعة مطلقا فتحمل على مريد الرجوع ليومه كما في خبر محمد بن مسلم ولاطلاق هذه الأخبار وصحة بعضها واعتبار سند الباقية ذهب جماعة من علمائنا كابني بابويه والمفيد وسلار إلى التخيير في القصر والاتمام لقاصد الأربعة إذا لم يرد الرجوع ليومه ووافقهم الشيخ في قصر الصلاة خاصة ويدفع ما تقدم من الجمع أنه في جملة منها أمر أهل مكة بالقصر في خروجهم إلى عرفات وفى بعضها ويلهم أو ويحهم وأي سفر أشد منه مع أن الخروج إلى عرفة للحج يستلزم عدم العود إلى مكة ليومه فلذلك جمعوا بينها وبين ما تقدم من اعتبار الثمانية بالتخيير ورده المصنف بأن في بعضها تصريحا بتحتم القصر كخبر معوية بن عمار الصحيح عن الصادق عليه السلام الذي فيه ويلهم إلى آخره فكان الجمع بحملها على العائد ليومه أولى ويشكل بما قلناه من عدم عود أهل عرفة ليومهم والاخبار صحيحة لا ينبغي إطراحها وجاز حينئذ حمل النكير بالويل على إنكارهم أصل القصر مع ثبوت شرعيته كما قال في الخبر إن النبي صلى الله عليه وآله كان يقصر إذا خرج إلى عرفة أو يقال إن القصر أفضل من التمام فكان الانكار لذلك وهو متوجه وللشيخ قول آخر بالتخيير لو قصد أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه جمعا بين الاخبار أيضا وقواه الشهيد في الذكرى لكثرة الأخبار الصحيحة بالتحديد بأربعة فراسخ فلا أقل من الجواز ويشكل بما مر من عدم اقتضائها العود بل منافاة بعضها له فكان التخيير مطلقا أوجه وأدخل في الجمع مع إن القائل به أكثر ولو جهل المسافر قدر مقصده وشك هل بلغ المسافة أم لا والحال أنه لا بينة هناك تشهد بأنه بلغ المسافة أتم لأصالة عدم البلوغ واستمرار الاتمام وعدم عروض ما يزيله ويتفتح المسألة يتم بمباحث أ اطلاق الشك ووجوب الاستمرار معه على التمام في كلامهم مطلق يشمل من يقدر معه على الاعتبار وغيره ومقتضاه أنه لا يجب الاعتبار بل يبقى على التمام إلى أن يتحقق ووجهه العمل بالأصول المتقدمة وينضم إليها أصالة براءة الذمة من وجوب التقدير ويحتمل الوجوب حيث يمكن لتوقف اليقين بفعل الواجب عليه وعلى الأول لو سار إلى المقصد مع جهله ببلوغه يوما معتدلا بشروطه فظهر في آخر النهار أنه مسافة بعد أن صلى الظهرين قصر العشاء ولو ظهرت المسافة في اليوم الثاني قصر حينئذ وكان ما فعله صحيحا لامتثاله الامر المقتضى للاجزاء ولو دخل وقت المقصورة ولما يصلها ثم تبينت المسافة قصر هنا قطعا وإن كان قد مضى حالة الجهل بها مقدار الصلاة ولا يتأتى هنا الخلاف الآتي في اختلاف حالتي الوقت بالاتمام والقصر لان تبين المسافة هنا كاشف عن المخاطبة بالقصر في نفس الامر غايته أنه معذور لجهله ب اطلاق الجهل يشمل ما لو شك في المسافة وما لو ظن عدم بلوغها أو ظن البلوغ فيجب الاتمام في الحالتين للأصل مع احتمال العمل بالظن القوى لأنه مناط العمل في كثير من العبادات ج المراد بالبينة هنا العدلان كما هو الظاهر منه عند الاطلاق في نظائره هذه المواضع فلا مدخل في ذلك لشهادة النساء منفردات ومنضمات ولا بشهادة العدل الواحد مع احتماله جعلا لذلك من باب الرواية لا من باب الشهادة والظاهر أن الشياع المتاخم للعلم بمنزلة البينة بل ربما كان أقوى فيجوز التعويل عليه عند الجهل مع احتمال العدم وقوفا فيما خالف الأصل على المتيقن د لا يشترط في البينة هنا أن يشهد عند الحاكم ويحكم بشهادتها بل يكفي في جواز العمل بقولها سماع المكلف وإن كان حكم البينة من وظائف الحاكم ومثله البينة بالهلال بالنسبة إلى الصوم والافطار والبينة بطلوع الفجر ودخول الليل حيث لا طريق له إلى العلم وأشباه ذلك وهذا المحل من المواضع المشكلة في كلامهم والضابط للفرق بين المقامين لا يخلو من خفاء ه لو علم في أثناء السفر المسافة قصر حينئذ لكن هل يشترط كون ما بقي مسافة أو يكفي كون الجميع مسافة يحتمل الأول لعدم قصد المسافة فيما سبق وهو أحد الشروط فيكون بمنزلة المتردد في السفر إلى المسافة كطالب الأفق
(٣٨٤)