البلد فلا يقصر فيه وخالف هنا جماعة حيث جعلوا نهاية التقصير دخول المنزل استنادا إلى أخبار تدل على استمرار التقصير إلى دخول المنزل ولا صراحة فيها بالمدعى فإن ما دون الخفاء في حكم المنزل خصوصا مع وجوب الجمع بينها وبين ما تقدم من الدال صريحا على المشهور واعلم إن فائدة جعل خفاء الامرين شرطا للقصر عدم جوازه قبله فلو أراد الصلاة قبل ذلك صلى تماما وكذا لا يجوز له الافطار وبعد وصوله إلى ذلك القدر يتحقق الشرط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط وهو القصر ثم يتوقف على تفصيل آخر وهو عدم مضى قدر الصلاة وشرائطها المفقودة كما سيأتي وكذلك يشترط في جواز الافطار عدم زوال الشمس قبل الخفاء على ما يجئ تفصيله انشاء الله تعالى وأما في العود ففائدته على مذهب المصنف من وجوب التمام على من حضر قبل الصلاة وإن كان قد دخل الوقت عليه مسافرا ظاهرة فيتم حينئذ متى وصل المواضع المذكورة والفائدة بالنسبة إلى الصوم أنه لو وصل إلى ذلك المكان ولم يكن تناول سفرا وكان ذلك قبل الزوال وجب عليه الصوم ولو كان ذلك بعد الزوال أو كان قد تناول لم يلزمه حكم الاتمام فكذا في نهاية السفر إنما تظهر على بعض الوجوه وذلك هو المراد من الاطلاق بقي في العبارة شئ وهو إن الضمير في قوله وهو نهاية التقصير لا مرجع له سابقا إلا الخفاء في قوله خفاء الجدران ولا ريب إن الخفاء أمر ممتد من حين تجاوز موضع سماع الأذان وروية الجدار إلى أن يعود بل كلما تمادى في السفر تأكد تحقق الخفاء وهذا المعنى لا يصلح كونه مرادا لجعله نهاية التقصير فإنه وقت التقصير وظرفه فكيف يكون نهايته وإنما النهاية آخر جزء منه وهو الجزء الذي دونه بلا فصل يتحقق إدراك أحد الامرين وهذا ليس هو مفهوم الخفاء ولا يصح إطلاقه على هذا الجزء خاصة كما لا يخفى ولا يصح توهم إن الخفاء على ما ذكرت مجموع مركب من جميع الاجزاء الواقعة في ذلك الزمان والمجموع لا يتحقق إلا بجميع أجزائه وهي لا تتم إلا ببلوغ أحدهما فيصح حينئذ إطلاق كون الخفاء منتهى الترخص فإن هذا الامر وإن تم بالنسبة إلى النهاية يفسد في جانب البداية فإن الخفاء كما هو معتبر في نهاية السفر بمعنى إن زواله يزيل القصر كذا يعتبر في أوله بمعنى إن وجوده شرط في القصر بل شرطيته لا تتم حقيقة إلا في الابتداء ثم تستمر إلى أن يزول وبالجملة فالمراد واضح وهو أنه ما دام الأمران محققين فالشرط حاصل إلا أن تركيب العبارة غير مؤد للمقصود وكان الوجه أن يقال وبانتهاء الخفاء ينتهى التقصير أو ما يؤدى هذا المعنى والأمر سهل ومنتظر الرفقة بعد أن سافر يقصر مع بلوغه محلا يتحقق معه الخفاء ومع الجزم بمجيئها أو الجزم بالسفر من دونها قبل مضى العشرة أو مع كون انتظاره بعد بلوغ المسافة سواء علق بعد ذلك سفره الباقي عليها أم لا وسواء جزم بمجيئها أم لا وإلا يحصل ما ذكرناه بأن أنتظرها قبل الخفاء مطلقا أو بعده قبل بلوغ المسافة ولم يجزم بمجيئها قبل مضى عشرة أيام أو بالسفر من دونها قبلها أتم وألحق في الذكرى بالعلم بمجيئها غلبة الظن به وهو حسن لان المصير في مثل ذلك لا يكاد يستند إلا إلى الظن ولعل تعبير من عبر بعلم مجيئها يريد به الترجيح الغالب المستند إلى القرائن وهو العلم بالمعنى الأعم إذ لا يمكن فرض العلم الحقيقي بمجئ الغائب المختار أو يراد بالعلم العادي وهو لا ينافي إمكان خلافه بحسب ذاته كما حقق في الأصول والحاصل إن منتظر الرفقة متى كان في محل يسمع فيه أذان بلده أو يرى جداره يتم مطلقا لعدم شرط القصر وبعد تجاوزه يقصر إلا أن يكون قبل بلوغ مسافة ويعلق سفره عليها ولا يعلم ولا يظن مجيئها كما مر فإنه يتم حينئذ لرجوعه عن الجزم بالسفر إن كان الانتظار طارئا ولو كان في نيته من أول السفر بقي على التمام إلى أن يجدد السفر بعد مجيئها
(٣٩٣)