صلى الله عليه وآله الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ووجه تقدمه على ما دل عليه قوله صلى الله عليه وآله إذا بلغ الماء كرا إلخ دلالته بمنطوقه على مدلوله العام ودلالة ذاك بمفهومه على أنه يحمل الخبث عند عدم البلوغ ودلالة المنطوق أقوى وبقول الباقر عليه السلام في القربة والجرة من الماء يسقط فيها فارة فتموت إذا غلبت رائحته على طعم الماء أو لونه فارقه وإن لم يغلب فاشرب منه وتوضأ جوابه إن مفهوم الشرط حجة عند المحققين فهو حينئذ خاص بالنسبة إلى حديثه فيجب حمل العام على الخاص تقريرا للنصين ولا فرق عندنا بين تقدم الحمام وتأخره وجهل التاريخ وليس المخصص لعام حديثه وروده في بئر قضاعة وكان ماؤها كثيرا لان العبرة بعموم اللفظ إلا بخصوص السبب بل المخصص ما قلناه هذا إن قلنا أن المفرد المعرف بلام الجنس يفيد العموم وإلا فالحديث مطلق لدلالته على الماهية من حيث هي هي وحينئذ فيحمل المطلق على المقيد وأما حديث القربة ففي سنده ضعف مع معارضته بما سلف من الأحاديث التي هي أكثر وأصح إسنادا وأوله الشيخ بالكر واعلم إن في صحة الحديث الأول بل في ثبوته إشكال إذا لم يوجد في كتب الحديث المعهودة مسندا ولا ادعى أحد من الأصحاب أنه وجده مسندا وإنما ذكره المرتضى والشيخ مرسلا وما هذا شأنه لا يحتج به لكن ابن إدريس رحمه الله ادعى اتفاق المخالف والمؤالف على هذه الرواية وهذه دعوى عرية عن برهان بل البرهان قائم على خلافها أما عند المخالف فلان الحديث الذي ادعوا أن حفاظهم وأئمتهم صححوه هو قوله صلى الله عليه وآله إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث وأما الموالف فقد بينا أنه لم يوجد في كتبهم مسندا ولا ادعى أحد فيه ذلك فكيف يقع الاجماع على ما هذا شأنه والبحث عن حال هذا إلا يشعهم إذ يترتب عليه مسألة اتمام الماء النجس كرا فإن صح هذا الحديث لزم القول بطهره وإلا فلا لان ما صح عندنا من الحديث عن الصادق عليه السلام وهو إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ لا يدل عليه لان مقتضاه أن المانع من التنجيس بلوغ الكرية فلا يدفع النجاسة السابقة بخلاف عدم حمله الخبث عند بلوغه كرا فإنه يدل على زوال النجاسة السابقة واللاحقة خصوصا على ما ذكره جماعة من أهل اللغة من إن المراد بعدم حمل الخبث في الحديث عدم ظهوره فيه فدلالته على طهره بالاتمام صريحة أو طاهرة وقد بالغ المحقق في المعتبر في رد الحديث فقال إنا لم نروه مسندا والذي رواه مرسلا المرتضى والشيخ أبو جعفر وأحاد ممن جاء بعده والخبر المرسل لا يعمل به وكتب الحديث عن الأئمة عليهم السلام خالية عنه أصلا وأما المخالفون فلم أعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حي وهو زيدي منقطع المذهب قال وما رأيت أعجب ممن يدعى إجماع المخالف و الموالف فيما لا يوجد إلا نادرا فإذن الرواية ساقطة وأما أصحابنا فرووا عن الأئمة عليهم السلام إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ وهذا صريح في أن بلوغه كرا هو المانع لتأثره بالنجاسة ولا يلزم من كونه لا ينجسه شئ بعد البلوغ رفع ما كان ثابتا فيه ومنجسا قبله والشيخ رحمه الله قال لقولهم عليهم السلام ونحن قد طالعنا كتب الاخبار المنسوبة إليهم فلم نر هذا اللفظ وإنما رأينا ما ذكرناه ولعل غلط من غلط في هذه المسألة لتوهمه أن معنى اللفظين واحد انتهى وهو كلام جيد في موضعه وما يقال من أن الاجماع المنقول بخبر الواحد المحكوم بكونه حجة عند جماعة من المحققين كاف في ثبوت الخبر وإن لم يسند إنما يتم من ضابط نافد للأحاديث لا من مثل هذا الفاضل وإن كان غير منكور التحقيق فإنه لا يتحاشى في دعاويه مما يتطرق إليه القدح وقد بيناه هنا وقد طعن فيه بذلك جماعة من فضلائنا من أهل عصره وغيره والله يتولى أسرار عباده ويطهر الماء القليل المتنجس بإلقاء كر عليه دفعة واحدة بمعنى وقوع جميع أجزاء الكر في زمان قصير بحيث يصدق اسم الدفعة عليه عرفا لامتناع ملاقاة جميع
(١٤٢)