طرح على ابنه التراب فأخذ بكفيه وقال لا تطرح عليه التراب ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب ثم قال أنهاكم أن تطرحوا التراب على ذوي الأرحام فإن ذلك يورث القسوة في القلب ومن قسا قلبه بعد من ربه وتجديد القبور بعد اندراسها على وجه الأرض سواء اندرست عظامها أم لا إلا أن يكون في أرض مسبلة وتندرس عظامها فيحرم تجديدها حينئذ وتصويرها بصورة المقابر لان ذلك يمنع من هجوم غيرها مع زوال حقها وقد روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام ويحمل على قصد مخالفة الشارع بالفعل استحلالا أو على المبالغة في الزجر مجازا أي هو على حد ذلك قال الصدوق ومعنى مثل مثالا أبدع بدعة دعا إليها ووضع دينا وقد روى الحديث بلفظ حدد بالحاء المهملة أي سنم وبالخاء المعجمة من الخد وهو الشق لاستلزامه النبش المحرم وروى حدث بالجيم والثاء المثلثة أخيرا وهو قريب من الشق إلا أن الشق أعم منه لعدم استلزامه دفن آخر بخلاف جدث لان الجدث القبر فيكون معنى تحديث القبر جعله جدثا لميت آخر وهو يستلزم النبش أيضا ويزيد الدفن وسيأتي أنه قد يحرم والظاهر أن النهى عن التجديد مخصوص بغير قبور الأئمة عليهم السلام لاطباق الخلق على فعل ذلك بها ولأن فيه تعظيما لشعائر الله وتحصيلا لمقاصد دينية ولم يذكر المصنف كراهية تجصيصها أيضا وتطيينها مع كون ذلك أعم من التجديد لامكان وقوعه ابتداء بناء على اختيار دخوله فيه كما ذكره الشيخ من تخصيص كراهة ذلك بكونه بعد الاندراس واختار أيضا المصنف في المنتهى وهو جيد لما في الاذن فيه قبل ذلك من حصول فائدة لا تحصل بدونه وهي دوام تمييزه ليزار ويترحم عليه خصوصا قبور العلماء والصالحين وقد روى إن الكاظم عليه السلام أمر بعض مواليه بتجصيص قبر ابنة له لما ماتت بفيد وإن يكتب على لوح اسمها ويجعله في القبر وكرهه بعضهم مطلقا لرواية علي بن جعفر عن أخيه عليهما السلام لا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه وحمله على وقوع ذلك بعد الاندراس طريق الجمع بينها وبين ما تقدم كما اختاره الشيخ والمصنف وأولى من ذلك حمل الأول على قبور من يظهر لتعيين قبره أثر من زيادة ونحوها والثاني على من لا يحصل فيه ذلك كما يدل عليه فعل الكاظم عليه السلام بابنته فإنها أهل للتعظيم والزيادة فيدخل في ذلك من يشاركها في الوصف من العلماء والصالحين ويبقى الخبران مطلقين بالنسبة إلى الأزمان ويتخصصان بالأشخاص عملا بظاهر الرواية والنقل للميت من بلد موته إلى غيره لمنافاته التعجيل المأمور به إلا إلى أحد المشاهد المشرفة بالأنبياء و الأئمة صلوات الله عليهم فيستحب النقل إليها رجاء لشفاعتهم وتبركا بتربتهم وتباعدا من عذاب الله تعالى وعليه عمل الامامية من زمن الأئمة إلى زماننا فكان إجماعا قاله في التذكرة وفى الذكرى لو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهدا استحب النقل إليها لتناله بركتهم وبركة زيارتهم ويجب تقييده بما إذا لم يخف هتك الميت بانفجاره ونحوه لبعد المسافة أو غيرها وهذا كله في غير الشهيد فإن الأولى دفنه حيث قتل لقوله صلى الله عليه وآله ادفنوا القتلى في مصارعهم ودفن ميتين في قبر واحد ابتداء أو في أزج معد لدفن جماعة أما لو دفن الأول ثم أريد نبشه لدفن الاخر لا كذلك حرم لان القبر صار حقا للأول ولاستلزامه النبش وآلهتك المحرمين نعم لو كثر الموتى وتعسر الافراد زالت كراهة الجمع ابتدأ لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله قال للأنصار يوم أحد احفروا وأوسعوا وعمقوا واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد وقدموا أكثرهم قرآنا والمراد بالتقدم جعله إلى القبلة فيقدم الأفضل مع تساويهم في الطبقة كما ورد ولو اختلفت بأن اجتمع رجال ونساء وغيرهما قدم الرجل ثم الصبي ثم الخنثى ثم المرأة هذا كله في غير الأقارب وفيهم يقدم الأب على الابن مطلقا والأم على البنت كذلك لا على الابن ويستحب جمعهم في مقبرة واحدة
(٣١٩)