ما لو كان منحرفا نحو المشرق أو المغرب ومن علامات قبلة العراق أيضا جعل عين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب اليمن مما يلي الانف إذا استخرج الوقت بغير استقبال قبلة العراق كما سلف وهذه العلامات الثلث مشهورة في كتب الأصحاب بهذا الاطلاق وقد ورد النص عن أئمة الهدى عليهم السلام بالجدي منها فيما رواه محمد بن مسلم وهو كوفي عن أحدهما عليهما السلام حين سأله عن القبلة فقال ضع الجدي في قفاك وصل وقال الصدوق في الفقيه قال رجل للصادق عليه السلام إني أكون في السفر ولا أهتدي للقبلة فقال له أتعرف الكوكب الذي يقال له الجدي قال نعم قال اجعله على يمينك فإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين الكتفين وطريق الجمع بين الروايتين حمل الأولى على وضعه خلف المنكب الأيمن لأنه من جملة القفا لوجوب حمل المطلق على المقيد واعلم أن في الجمع بين هذه العلامات الثلث إشكالا وفى العمل بإطلاقها بحثا وتحرير المحل إن العلامة الأولى إذا أخذت بالمعنى المشهور وهو حمل المشرق والمغرب على الاعتدالين يوجب جعلهما على يمين المصلى ويساره كون قبلته نقطة الجنوب ونقطة الشمال خلف ظهره بين الكتفين على الاعتدال لما علم من كون هذه الجهات الأربع متقاطعة على زوايا قوائم بخطين يتصل طرف كل منهما بجهة وكذا القول في العلامة الثالثة لما تقرر آنفا من كون الشمس بل سائر الكواكب إذا كانت في غاية ارتفاعها ح على دائرة نصف النهار المتصلة بنقطتي الجنوب والشمال وخط نصف النهار على وجه الأرض الذي يعلم زوال الشمس بميل ظلها عنه نحو المشرق هو الواصل بين نقطتي الشمال والجنوب فإذا وقف المصلى على خط نصف النهار واستقبل نقطة الجنوب فوجد الشمس على طرف حاجبه الأيمن كان ذلك علامة الزوال كما إنه على تلك الحال يكون مستقبلا لجهة القبلة على ما بين هنا فتكون القبلة حينئذ نقطة الجنوب كما تقرر في العلامة الأولى وأما الجدي فإنما يناسب هاتين العلامتين عند استدباره بحيث يكون بين الكتفين على الاعتدال فيكون الواقف مستقبلا لنقطة الجنوب ونقطة المشرق و المغرب على يمينه ويساره وأما إذا جعل خلف المنكب الأيمن فإنه يقتضى انحرافا بينا نحو المغرب بعد الإحاطة بما قررناه فاللازم من ذلك أحد أمور أربعة أما القول بأن هذا التفاوت غير مؤثر في الجهة التي هي قبلة البعيد وأما بطلان تقييد المشرق والمغرب بكونهما الاعتدالين إذ مع الاطلاق يمكن تقييدهما بمطلع الفجر عند انتهاء قصر النهار ومغرب الشمس في ذلك الوقت فتطابق العلامة الثانية وأما بطلان تقييد الجدي بكونه خلف المنكب الأيمن بل في القفا كما ورد في خبر محمد بن مسلم وأما كون هذه العلامات لجهات مختلفة من بلاد العراق والتحقيق في هذا المقام المستند إلى مقدمات يقتضى تحريرها بسطا في الكلام إن هذه العلامات الثلث صحيحة صالحة لتحصيل الجهة العراقية في الجملة وأما الاستناد إليها على وجه التخيير في سائر جهات تلك البلاد فغير سديد قطعا لاختلاف عروضها وأطوالها المقتضى لاختلاف قبلتها فإن أوساط العراق كبغداد والكوفة تزيد على مكة طولا وعرضا وذلك يوجب انحراف قبلتها عن نقطة الجنوب نحو المغرب والبصرة أشد انحرافا كذلك لزيادة طولها عليهما ويقرب منها تبريز وأردبيل وقزوين وهمدان وما والاها من بلاد خراسان وإن كان التحرير التام يقتضى لهم زيادة انحراف يسير نحو المغرب كانحراف البصرة بالنسبة إلى بغداد لكن لا يصل إلى حد منتصف القوس التي بين نقطة الجنوب والمغرب لكن أطلق عليها جماعة من الأصحاب كون قبلتهم قبلة العراق وأما الموصل والجزيرة وسنجار فإن قبلتها تناسب نقطة الجنوب لمقاربة لطولها لطول مكة وحينئذ فيجب حمل العلامة المقتضية لاستقبال نقطة الجنوب كالأولى إذا قيدت بالاعتدال والثالثة على أطراف العراق الغربية كالموصل ونحوها وحمل الوسطى الموجبة للانحراف عن نقطة الجنوب على أوساط البلاد كبغداد و
(١٩٧)