لان موقف المصلى ليس له نقطة خاصة بحيث لا يمكن العدول عنها يمينا ولا يسارا وإلا لكانت الجهة أضيق من العين لان الالتفات اليسير بالوجه عما كان عليه لا يقطع الصلاة ولا يؤثر في تحقق الاستقبال فلنفرض خطا خرج من نظره الأول واتصل بالخط المفروض عن جانبي الكعبة ثم خطا آخر خرج من نظره الثاني المتحول عن الأول قليلا فإذا اتصل بالخط المفروض حدث من هذه الخطوط مثلث فالزاويتان الداخلتان الحادثتان من وقوع هذين الخطين على الثالث أما حادتان أو أديهما حادة ولا يجوز أن تكونا قائمتين كما هو مبرهن في محله فيلزم منه بطلان الصلاة إلى أحد النظرين لعدم المسامتة ب أن العلامات المنصوبة من قبل الشارع دليلا على الجهة كالجدي مثلا لا يمكن جعلها على نقطة مخصوصة بحيث لا يعدل عنها أصلا بل يمكن العراقي جعله خلف المنكب والصلاة ثم جعله كذلك مع انحراف يسير عن الحالة الأولى بحيث لا يخرج عن كونه علامة وحينئذ يختلف الخطان مع خروجهما من محل واحد و يتصلان بالخط المسامت للكعبة مختلفين كما تقدم فيحدث المثلث المذكور ويأتي ما فيه من الفساد ج أن العلامة المعتبرة حال الطلوع كسهيل لا يتفق طلوعها في القطر الواحد المحكوم باتحاد قبلته على دائرة واحدة لاختلاف البلاد في الصعود والانخفاض وحينئذ فجعله علامة عند طلوعه في البلد المرتفع والخالي عن موانع الروية عند الطلوع يستلزم تشريقا في القبلة عن البلد التي يتأخر (طلوعه فيها يسيرا فلا يتفق الخطان الخارجان من نظر المستقبل ويأتي المحذور المذكور ولو قيل المراد بطلوعه عن صح) الأفق الحقيقي وهو شئ واحد ويقدر ذلك القدر في باقي الإقليم منعنا ذلك بما سيأتي إن شاء الله من أن سهيلا عند طلوعه على الأفق الحقيقي يطلع مشرقا عن قبلة الشامي بما يزيد عن عشرين درجة وإنما المراد بطلوعه بروزه لأبصارهم في أرض معتدلة عرفا من تلك البلاد ولا يضر التفاوت اليسير في جنب اعتبار الجهة كما لا يضر اختلاف وضع الجدي على محال الكتف مع صدق أصل الكيفية وسيأتي في بيان العلامات ما يدلك على عدم تأثير هذه الاختلافات وقال في الشرح جهة القبلة هي المقدار الذي شأن البعيد أن يجوز على كل بعض منه أن يكون هو الكعبة بحيث يقطع بعدم خروجها عن مجموعه وهذا التعريف أجود من جميع ما سلف لكن ينتقض في طرده بفاقد العلامات أصلا فإنه يجوز على كل جزء من جميع الجهات أنه الكعبة فيلزم اكتفاؤه بصلاة واحدة إلى أي جهة شاء وكذا من قطع بنفي جهة أو جهتين وشك في الباقي فإنه يصدق عليه التعريف ولا شئ من ذلك يطلق عليه أنه جهة القبلة فالأسد حينئذ أن يزاد في التعريف كون التجويز لامارة يجوز التعويل عليها شرعا فيخرج منه ما ذكر ويدخل فيه المعتبر بالعلامات المذكورة في كتب الفقه وغيرها مما يجوز الاستناد إليه شرعا فإن هذه العلامات المذكورة قليل من كثير فإن النص عن أئمة الهدى عليهم السلام إنما ورد ببعض علامات العراقي والباقي أخذت من علم الهيئة كما نبه عليه في الذكرى ويرد عليه أيضا الصلاة بعيدا عن محراب المعصوم كمحراب النبي صلى الله عليه وآله بأزيد من سعة الكعبة فإنه لا يجوز على ذلك السمت إن فيه الكعبة لما روى أنه صلى الله عليه وآله لما أراد نصب محرابه زويت له الأرض فجعله بإزاء الميزاب وأجيب بأن محراب المعصوم إنما يتيقن كونه محصلا للجهة لأنها فرض البعيد أما كونه محاذيا لعين الكعبة فليس هناك قاطع يدل عليه وما روى خبر واحد لا يفيد القطع فالتجويز قائم ويجوز كون الموازاة في الخبر مسامتة جهته لا عينه ليوافق مقتضى تكليف البعيد وذلك لا ينافي إمكان مسامتة المصلى في مكان يزيد عن سعة الكعبة كما قررناه في مسامتة الجماعة المتفرقة للجرم الصغير فإن كل واحد منهم يجوز وصول الخط الخارج منه إليه مع عدم إمكان اجتماع جميع الخطوط عليه لأن المفروض كونها متوازية وهو ينافي إمكان الاجتماع والله أعلم بحقائق أحكامه ويستحب الاستقبال
(١٩١)