الوضوء على المحدث للمس وفيه بعد لحكم المصنف بوجوبه فلا وجه لتردده هنا بل الوجه ما قلناه ويستحب الوضوء بأصل الشرع لمندوبي الأولين وهما الصلاة والطواف فإن الغاية لما لم تجب لم يجب شرطها لجواز تركها فكان الشرط كالغاية إذ لا يتصور وجوب الشرط لمشروط غير واجب لكن مع الشرطية في الصلاة فلا تصح بدونه وقد يطلق عليه هنا الوجوب لمشابهة الواجب في أنه لا بد منه بالنسبة إلى مشروطه ويعبر عنه بالوجوب الشرطي وكذا بالقول في مس خط المصحف مع عدم وجوبه وأما الطواف المندوب فهو من كماله على الأصح فيصح الطواف بدونه واشترطها فيه المص في النهاية ودخول المساجد للخبر ولاستحباب التحية وهي متوقفة على الوضوء وقراءة القرآن وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنائز و السعي في حاجة وزيارة المقابر كل ذلك للنص وفى كل هذه ينوى الاستباحة أو الرفع ويحصلان له عدا النوم ففيه نظر أما نية الرفع فلا إشكال فيها بعد ثبوت إيقاع هذه الأشياء على طهارة وأما الاستباحة فذكرها الشهيد ره في بيانه ساكتا عليها وأمرها مشكل فيما عدا الصلاة المندوبة لإباحة هذه الأشياء بدونها فكيف ينوى استباحتها بها والأولى في النية رفع الحدث أو إيقاع هذه الأشياء على الوجه الأكمل لتوقفه على رفع الحدث وأما النوم فالوضوء له غايته الحدث فكيف يرفعه وألحقه في المعتبر بالصحيح لأنه قصد النوم على أفضل أحواله ولما في الحديث من استحباب النوم على طهارة وهو مشعر بحصولها واعترضه شيخنا الشهيد ره بأنه لا يلزم من استحباب النوم على الطهارة صحة الطهارة للنوم إذ الموصل إلى ذلك وضوء رافع للحدث فلينو رفعه أو استباحة مشروطة به لا منافيا له قال والتحقيق إن جعل النوم غاية مجازا إذ الغاية هي الطهارة في آن قبل النوم بحيث يقع النوم عليها فيكن من باب الكون على طهارة وهي غاية صحيحة ونوم الجنب وإنما خصه بالذكر مع دخوله في استحباب الوضوء للنوم لمزيد الاهتمام به ولورود النص عليه بخصوصه ولدفع توهم عدم شرعية الوضوء للجنب وجماع المحتلم قبل الغسل وعلل في الخبر بأنه لا يؤمن أن يجئ الولد مجنونا لو حملت من ذلك الجماع وهو يقتضى تخصيص الكراهة بوقت احتمال الحمل فينتفى بدونه والأولى تعميم الحكم إذ لا يلزم من تأثيره في الحمل على تقدير كونه مسببا عنه انتفاء الكراهة لو لم يكن والكراهة منوطة بالاحتلام فلا يكره الجماع من غير وضوء للأصل وذكر الحائض لله تعالى في وقت كل صلاة والخبر ورد في الحائض والظاهر إلحاق النفساء بها لأنها حائض في المعنى وهذه الثلاثة لا يتصور فيها رفع الحدث لمصاحبته لها وعدم صلاحيته للارتفاع به في هذه الحالة والكون بالجر عطفا على ما قبله أي ويستحب الوضوء أيضا للكون على طهارة أي للبقاء على حكمها فاندفع توهم التكرار حيث يصير التقدير يستحب الطهارة للكون على طهارة لان البقاء على حكمها ليس هو نفسها بل لازمها وليس الكون غاية مستقلة بل مستلزمة للرفع أو الاستباحة إذ لا تحصل إلا بأحدهما فكان المنوي أحدهما ومن ثم صح الوضوء المنوي به ذلك كما قربه في الذكرى مع أن ذلك وارد في بقية الغايات المستحبة والجواب واحد ويجوز رفع الكون عطفا على الضمير المستتر في قوله ويستحب أو على الابتداء والخبر محذوف وتقديره مستحب وربما توهم التكرار على التقدير الأول من هذين بناء على أنه في قوة يستحب الوضوء ويستحب الكون على وضوء ولا وجه له لان المعطوف إليه ليس هو استحباب الوضوء مطلقا بل للمذكور من الصلاة والطواف المندوبين وغيرهما مما عد ثم إن المكلف إذا أراد الكون فإن نوى رفع الحدث فلا ريب في الصحة وحصول ما نواه إذ لا يحصل الكون عليها إلا مع ارتفاعه مع الاختيار وهو إحدى الغايتين وإن نوى الاستباحة لشئ مما يتوقف على الوضوء حصل المقصود أيضا لزوما لكن بكون الكون ح تابعا وإن نوى الكون على طهارة فقد قرب الشهيد ره الاجزاء كما حكيناه عنه وهو حسن لأنه إحدى الغايات
(١٥)