وأما عن المعاني المخصوصة من حيث أنها مدلولة لتلك العبارات أو النقوش فهذه ثلاثة احتمالات بسيطة و تتركب منها ثلاثة أخرى ثنائية ورابع ثلاثي فالاحتمالات سبعة وأنت خبير بأنه لا حضور في الخارج للألفاظ المرتبة ولا لمعانيها ولا لما يتركب منهما ولا لما يتركب من النقوش معهما أو مع أحدهما وهذا كله واضح وأما النقوش الدالة على الألفاظ فيحتمل أن يشار إليها بذلك لكن فيه أن الحاضر من النقوش لا يكون إلا شخصا ولا ريب في أنه ليس المراد تسمية ذلك الشخص باسم الكتاب بالتسمية نوعه وهو النقش الكتابي الدال على تلك الألفاظ المخصوصة بإزاء المعاني المخصوصة أعم من أن يكون ذلك الشخص أو غيره مما يشاركه في ذلك المفهوم ولا حضور لذلك الكلى في الخارج فالإشارة إلى الحاضر المرتب في الذهن أصوب على جميع التقديرات فكأنه نزل العبارات الذهنية التي أراد كتابتها منزلة الشخص المشاهد المحسوس فاستعمل لفظ هذا الموضوع لكل مشار إليه محسوس الموسوم أي المسمى يقال وسمت الشئ وسما وسمة إذا أثرت أثرا فيه والهاء عوض من الواو ولما كانت السمة علامة والاسم علامة على مسماه أشق له منه لفظ وهو أحد القولين في الاسم بإرشاد الأذهان جمع ذهن وهو قوة للنفس معدة لاكتساب الآراء إلى أحكام الايمان المراد به هنا مذهب الإمامية دامت بركاتهم مستمدا حال من الضمير في صنفت أي صنفت هذا الكتاب في حالة كوني مستمدا من الله حسن التوفيق وقد تقدم تعريفه وهداية الطريق إليه سبحانه والمراد بها الدلالة على ما يوصل إلى المطلوب وقيل الدلالة الموصلة إلى المطلوب ويؤيد الأول إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم ويرد عليه إنك لا تهدى من أحببت وعلى الثاني وأما ثمود فهديناهم وأجيب عن الايراد الأول بأن الهداية المنفية في الآية محمولة على الفرد الكامل وهو ما يكون موصلا بالفعل لمن له الهداية أو يقال الآية من قبيل وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى في تنزيل وجود الشئ منزلة عدمه فإن النبي عليه السلام لما لم يكن مستقلا بالهداية والدلالة بل دلالته بأقدار الله وتمكينه وتوفيقه فكأنه ليس بهاد بل الهادي هو الله نعم والحاصل يرجع إلى نفى الاستقلال في الهداية وأورد عليه بأنه يلزم أن من يكون عارفا بالشريعة متقاعدا عن العمل بمقتضاها مهتد وليس كل واجب بالتزام أنه مهتد بالمعنى اللغوي أو مهتد بالنسبة إلى العلم وضال بالنسبة إلى مطلوب آخر وهو نيل الثواب والفوز بالسعادة الأخروية حيث لم يعمل بمقتضى علمه فيصدق الاسمان بالحيثيتين وقد اتسع مسلك الكلام بين العلماء الاعلام من الجانبين ولا يبعد القول بالاشتراك وأولى منه أنها حقيقة في الأول مجاز في الثاني لأرجحيته على الاشتراك وكثرة استعمالها فيه وتحقيقه في غير هذا المحل واعلم أن المصنف أضاف الهداية إلى مفعولها الثاني وهي تتعدى بنفسها إلى المفعول الأول وإلى الثاني بنفسها أيضا وبإلى وباللام ومن الأول قوله تعالى إهدنا الصراط ومن الثاني هداني ربى إلى صراط ومن الثالث الذي هدانا لهذا والتمست منه أي طلبت ويطلق على الطلب من المتساوي حقيقة أو ادعاء حسب ما يقتضيه المقام المجازاة على ذلك التصنيف وفي الإشارة إليه بصيغة البعيد توسع بالترحم على عقيب الصلوات والاستغفار وهو سؤال المغفرة لي في الخلوات فإنها مظنة إجابة الدعوات ونزول البركات وإصلاح ما يجده في هذا الكتاب بمقتضى السياق ويحتمل أن يريد الأعم منه ومن غيره كما صرح به في وصية له في آخر القواعد من الخلل والنقصان بينهما عموم وخصوص مطلق فإن كان كل نقصان خلل ولا ينعكس فإن السهو وهو زوال الصورة عن القوة الذاكرة أو عدم العلم بعد حصوله عما من شأنه أن يكون عالما كالطبيعة
(١٠)