أجذم باعتبار أن الابتداء بمدلول أحدهما يوجب تأخير الاخر يندفع بأن الابتداء هو التقديم على المقصود الذاتي وهو مسائل الفن والخطبة بأجمعها مقصودة بالعرض والمحل متسع أو بأن الابتداء حقيقي وإضافي فالحقيقي حصل بالبسملة والإضافي بالحمدلة فهو مبتدء به بالإضافة إلى ما بعده أو أن الحمد هو الثناء بنعوت الكمال واسم الله المتعال منبئ عن صفات الاكرام ونعوت الجلال فالابتداء بالتسمية يستلزم العمل بالخبرين جميعا والمراد بالأمر ذي البال ما يخطر بالقلب من الأعمال جليلة كانت أم حقيرة فإن أفعال العقلاء تابعة لقصودهم ودواعيهم المتوقفة على الخطور بالقلب والأبتر يطلق على المقطوع مطلقا وعلى مقطوع الذنب وعلى ما لا عقب ولا نتيجة له وعلى ما انقطع من الخير أثره والمعنى على الأول والأخير إن ما لا يبتدء فيه من الأمور بالتسمية مقطوع الخير والبركة وعلى الثاني يراد به الغاية الحاصلة من البتر وهي النقص وتشويه الخلقة ونقص القدر وفي تخصيص الوصف بالآخر مع أن الفايت مع عدم التسمية الأول إشارة إلى بقاء اعتبار ما لا تسمية فيه في الجملة وإن كان ناقصا بخلاف ناقص الرأس مثلا فإنه لا بقاء له والكلام في الثالث نحو الكلام في الأول والأخير فإن ما لا نتيجة له ولا عقب ناقص البركة مضمحل الفائدة منقطع الخير والتعبير بالابتداء الصادق على القول والكتابة يدخل فيه ابتداء العلماء بها كتابة وابتداء الصناع بها قراءة فسقط ما قيل أنه إن أراد بالابتداء القراءة لم يكن فيه دلالة على الاجتزاء بالكتابة فلا يتم تعليلهم ابتداء التصنيف بها لان الكتابة لا تستلزم القراءة وإن أريد الكتابة لم يحصل امتثال النجار ونحوه للخبر حتى يبتدئ أولا فيكتب بسم الله إلخ لاندفاع ذلك بالتعبير بالابتداء على وجه كلي نعم ربما استفيد من القرائن الحالية اختصاص كل أمر بما يناسبه من فردي الابتداء فلا يكفي الكتابة لمريد النجارة مثلا والباء في بسم الله أما صله لا يحتاج إلى ما تتعلق به أو للاستعانة أو للمصاحبة متعلقة بمحذوف اسم فاعل خبر مبتدأ محذوف أي ابتداي ثابت باسم الله أو فعل أو حال من فاعل الفعل المحذوف أي ابتداي متبركا أو مستعينا أو مصدر مبتدأ خبره محذوف أي ابتداي باسم الله ثابت ونحوه ولا يضر على هذا حذف المصدر وإبقاء معموله لأنه يتوسع في الظرف والجار والمجرور ما لا يتوسع في غيرهما وتقديم المعمول هنا أوقع كما في قوله تعالى بسم الله مجراها وإياك نعبد ولأنه أهم وأدل على الاختصاص وأدخل في التعظيم وأوقف للوجود وإنما كسرت الباء ومن حق الحروف المفردة أن تفتح لاختصاصها بلزوم الحرفية والجر كما كسرت لام الامر ولام الجر إذا دخلت على المظهر للفرق بينها وبين لام التأكيد والاسم مشتق من السمو حذفت الواو من آخره وزيدت همزة الوصل في أوله لأنها من الأسماء العشرة التي بنوا أوائلها على السكون وسمى اسما لسموه على مسماه وعلوة على ما تحته من معناه وقيل أصله وسم وهو العلامة والأول أولى بدليل تصغيره على سمى وجمعه على أسماء ولأن بينه وبين أصله على الأول مناسبة لفظية ومعنوية بخلاف الثاني فإنها معنوية فقط وإنما علق الجار على الاسم مع إن المعنى إنما يراد تعلقه بالمسمى للاشعار بعدم اختصاص التعلق بلفظ الله لا غير لأنه أحد الأسماء وللتحرز من إيهام القسم ولقيام لفظ الله مقام الذات في الاستعمال ومن ثم يقال الرحمن والرحيم وغيرهما اسم من أسماء الله ولا ينعكس ولجريان باقي الأسماء صفة له من غير عكس والله اسم للذات الواجب الوجود الخالق لكل شئ وهو جزئي حقيقي لا كلي انحصر في فرد وإلا لما أفاد قولنا لا إله إلا الله التوحيد لان المفهوم الكلى من حيث هو محتمل للكثرة وعورض بقوله تعالى قل هو الله أحد فإن الله لو كان جزئيا حقيقيا لما حسن الاخبار عنه بالأحدية للزوم التكرار ويجاب بأن
(٣)