وإن نقصت أثمانها متمكن مع عدم التضرر بذلك ويتحقق عدم الآلة والماء بعدم وجودهما معه أو مع باذل ولو بعوض أو إعارة لها أو هبة له لعدم المنة الكثيرة في ذلك أو بوجود هما مع من إلا يبذلهما إلا بثمن مع عدم الثمن في الحال أو في المال حيث يمكن تأجيله إليه وكذا لو وجدت الآلة بأجره مع عدمها كذلك ولا يتحقق بوجودها هبة أو وجود ثمنها أو ثمن الماء كذلك لان ذلك كله مما يمتن به عادة ويحصل به ضرر وغضاضة وامتهان على نفوس الأحرار ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير لعدم انضباط أحوال لقلق في ذلك فاعلا وقابلا فربما عد بعضهم القليل كثيرا وشق على بعضهم تحمل القليل كالكثير فالمرجع في ذلك إلى جنس ما يمتن به عادة كما لم يفرق بين كثير الماء وقليله في وجوب قبوله اعتبارا بالجنس هذا إذا كان البذل على وجه التبرع كالهبة ونحوها أما المنذور على وجه يدخل فيه المحتاج ويفتقر إلى القبول فإن قبوله واجب كما يجب التكسب له لوجوب تحصيل شرط الواجب المطلق وانتفاء المنة ولو كان النذر لا يحتاج إلى قبول فوجوب أخذه أولى لان الملك فيه حينئذ قهري والمنة منتفية وكما لا يجب قبول الهبة كذا لا يجوز مكابرة مالك الماء والآلة عليهما لانتفاء الضرورة بخلاف الماء للعطش والطعام في المجاعة ولو وجده أي الثمن وخاف الضرر على نفسه أو غيره من الأموال المحترمة كما تقدم بدفعه عوضا عن الماء أو الآلة لم يجب دفعه في ذلك بل لم يجز لأنا سوغنا ترك استعمال الماء لحاجته وهو غير المطهر فترك بدله مع الحاجة أولى وجاز حينئذ التيمم لصدق العجز عن تحصيل الماء فرع للمصنف رحمه الله لو وجد ماء موضوع في الفلاة في حب أو كوز ونحوه للسابلة جاز له الوضوء ولم يسغ له التيمم لأنه واجد إلا أن يعلم أو يظن وضعه للشرب ولو كان كثيرا دلت الكثرة على تسويغ الوضوء منه ذكر ذلك كله في النهاية وللنظر في بعض قيوده بحال ولو وجده أي الماء بثمن لا يضره في الحال يمكن أن يريد به الزمان الحاضر فلا عبرة بخوف ضرره في المآل لامكان تجدد ما يندفع به الضرورة ولعدم الضرر بذلك حينئذ والأولى أن يراد به حاله أي حال نفسه فيجعل اللام عوضا عن المضاف إليه ليعم الضرر الحاضر والمتوقع حيث يحتاج إلى المال المبذول في مستقبل الزمان الذي لا يتجدد له في مال عادة فمتى لم يضره بذل الثمن في الحال أو المآل على ذلك الوجه وجب الشراء لانتفاء الضرر الذي باعتباره ساغ التيمم وإن زاد الثمن المقدور عليه المفروض عدم التضرر به مطلقا عن ثمن المثل أضعافا مضاعفة على المشهور لأنه متمكن والفرض انتفاء الضرر ولوجوب تحصيل شرط الواجب المطلق بحسب الامكان ولقول الكاظم عليه السلام وقد سئل عمن وجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو وأجد لها يشترى قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت على إشكال ذلك ناشئ مما ذكرناه ومن أن خوف فوات المال اليسير بالسعي إلى الماء مجوز للتيمم فكيف يجب بذل الكثير على هذا الوجه فيه ولتساوي الحكم في تضييع المال القليل والكثير وكفر مستحله وفسق غاصبه وجواز الدفع عنه وهو اختيار ابن الجنيد وجوابه الفرق بين جميع ما ذكر وموضع النزاع بالنص وبالمنع من مساواة ما يبدله المكلف باختياره وبين ما ينهب منه قهرا لما في الثاني من لزوم الغضاضة والإهانة الموجبة للضرر بخلاف الأول لان الفرض انتفاء الضرر فيه وفرق المصنف بينهما بأن اللازم في الفرع إنما هو الثواب لأنه عبادة اختيارية مطلوبة للشارع وهو أضعاف ما دفع واللازم في الأصل إنما هو العوض وهو مساو لما أخذ منه فلم يتم القياس و ستضعفه الشهيد رحمه الله استنادا إلى أنه إذا ترك المال لابتغاء الماء دخل في حيز الثواب وهو حسن بل يجمع به حينئذ بين العوض والثواب وهو أعظم من الثواب وحده فالأولى الاستناد في الفرق إلى النص والغضاضة المذكورة والاعتبار في ثمن المثل بالنسبة إلى الماء بحسب الزمان والمكان لأنه متقوم في نفسه وربما احتمل اعتبار أجرة تحصيل الماء
(١١٨)