فانصدعت، وسرق من الكعبة غزال من ذهب رجلاه جوهر وكان حائطها قصيرا، وكان ذلك قبل مبعث النبي (صلى الله عليه وآله) بثلاثين سنة، فأرادت قريش أن يهدموا الكعبة ويبنوها ويزيدوا في عرضها (1)، ثم أشفقوا من ذلك وخافوا إن وضعوا فيها المعاول أن ينزل عليهم عقوبة.
فقال الوليد بن المغيرة: دعوني أبدء فإن كان لله رضا لم يصبني شئ، وإن كان غير ذلك كففنا، وصعد على الكعبة وحرك منه حجرا فخرجت عليه حية وانكسفت الشمس، فلما رأوا ذلك بكوا وتضرعوا، وقالوا: اللهم إنا لا نريد الا الاصلاح، فغابت عنهم الحية، فهدموه ونحوا حجارته حوله حتى بلغوا القواعد التي وضعها إبراهيم (عليه السلام)، فلما أرادوا أن يزيدوا في عرضه (2) وحركوا القواعد التي وضعها إبراهيم (عليه السلام) أصابتهم زلزلة شديدة وظلمة فكفوا عنه، وكان بنيان إبراهيم الطول ثلاثون ذراعا، والعرض اثنان وعشرون ذراعا، والسمك تسعة أذرع.
فقالت قريش: نزيد في سمكها فبنوها فلما بلغ البناء إلى موضع الحجر الأسود تشاجرت قريش في وضعه، وقالت كل قبيلة: نحن أولى به نحن (3) نضعه، فلما كثر بينهم تراضوا بقضاء من يدخل من باب بني شيبة.
فطلع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقالوا: هذا الأمين قد جاء فحكموه فبسط رداءه، وقال بعضهم: كساء طاروني كان له، ووضع الحجر فيه، ثم قال: يأتي من كل ربع من قريش رجل، فكانوا عتبة بن ربيعة بن عبد الشمس، والأسود بن المطلب من بني أسد بن عبد العزى، وأبو حذيفة بن المغيرة من بني مخزوم، وقيس بن عدي من بني سهم، فرفعوه