وليس في رواية أبى نعيم ما يمنع من تحريم غير ما ذكرنا في روايته إذا جاء بتحريمه نص صحيح، وقد صح من طريق ابن عباس تحريم المسكر جملة، وصح عنه كما ذكرنا آنفا تحريم نبيذ البسر بحتا فسقط تعلقهم بهذا الخبر * ومنها خبر رويناه من طريق ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه (فانتبذوا فيها - يعنى في الظروف - فان الظروف لا تحل شيئا ولا تحرم ولا تسكروا) (1)، وان عمر قال له: (يا رسول الله ما قولك: كل مسكر حرام؟ قال: اشرب فإذا خفت فدع) * وخبر من طريق أبى موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم (اشربا ولا تسكرا) وكلاهما لا حجة لهم فيه * أما خبر ابن عباس فإنه من طريق المشمعل بن ملحان وهو مجهول عن النضر بن عبد الرحمن خزاز (2) بصرى يكنى أبا عمر منكر الحديث ضعفه البخاري وغيره، وقال فيه ابن معين: لا تحل الرواية عنه، ولو صح لم يكن لهم فيه حجة لان فيه النهى عن السكر ويكون قوله: (فإذا خفت فدع) أي إذا خفت أن يكون مسكرا فسقط التعلق به * وأما خبر أبي موسى فلا يصح لأنه من طريق شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وشريك مدلس وضعيف فسقط، وقد رواه الثقات بخلاف هذا كما رويناه من طريق عمرو بن دينار. وزيد بن أبي أنيسة. وشعبة بن الحجاج كلهم عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال: كل مسكر حرام كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة) فهذا هو الحق الثابت لا رواية كل ضعيف. ومدلس. وكذاب. ومجهول * وخبر رويناه عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم اشربوا في الظروف ولا تسكروا، وهذا لا يصح لأنه من رواية سماك ابن حرب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بردة (3) وسماك يقبل التلقين شهد عليه بذلك شعبة وغيره، ثم لو صح (4) لما كانت لهم فيه حجة لأنه إنما فيه النهى عن السكر وليس فيه مانع من تحريم ما يصح تحريمه مما لم يذكر في هذا الخبر، وقد صح تحريم كل ما أسكر كما ذكرنا من أصح طريق ولله الحمد * وخبر من طريق سوار بن مصعب. وسعيد بن عمارة قال سوار: عن عطية العوفي عن أبي سعيد، وقال سعيد: عن الحارث بن النعمان عن أنس، ثم اتفق أبو سعيد.
وأنس قالا عن النبي صلى الله عليه وسلم: (حرمت الخمر بعينها قليلها وكثيرها والسكر من كل شراب)، وسوار مذكور بالكذب، وعطية هالك، والحارث. وسعيد مجهولان لا يدرى من هما (5)، ثم لو صح لم تكن فيه حجة لان رواية شعبة عن مسعر عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن