ولا يفسد حجه بشئ مما ذكرنا إنما هو ما عمل، أو عمل به أجر وما لم يعمل فلا إثم عليه، وقد كان الصبيان يحضرون الصلاة مع رسول الله عليه السلام صحت بذلك آثار كثيرة كصلاته بأمامة بنت أبي العاص، وحضور ابن عباس معه الصلاة، وسماعه بكاء الصبي في الصلاة وغير ذلك، ويجزى الطائف به طوافه عن نفسه لأنه طائف وحامل فهما عملان متغايران لكل واحد منهما حكم كما هو طائف وراكب، ولافرق * 916 - مسألة - فان بلغ الصبي في حال إحرامه لزمه ان يجدد إحراما ويشرع في عمل الحج، فان فاتته عرفة أو مزدلفة فقد فاته الحج ولا هدى عليه ولا شئ، أما تجديده الاحرام فلانه قد صار مأمورا بالحج وهو قادر عليه فلزمه ان يبتدئه لان أحرمه الأول كان تطوعا والفرض أولى من التطوع * 917 - مسألة - من حج واعتمر، ثم ارتد، ثم هداه الله تعالى واستنقذه من النار فأسلم فليس عليه ان يعيد الحج ولا العمرة وهو قول الشافعي وأحد قولي الليث: * وقال أبو حنيفة. ومالك. وأبو سليمان: يعيد الحج والعمرة، واحتجوا بقول الله تعالى: (لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) ما نعلم لهم حجة غيرها، ولا حجة لهم فيها لان الله تعالى لم يقل فيها: لئن أشركت ليحبطن عملك الذي عملت قبل أن تشرك، وهذه زيادة على الله تعالى لا تجوز وإنما أخبر تعالى أنه يحبط عمله بعد الشرك إذا مات أيضا على شركه لا إذا أسلم وهذا حق بلا شك، ولو حج مشرك أو اعتمر، أو صلى، أو صام، أو زكى لم يجزه شئ من ذلك عن الواجب، وأيضا فان قوله تعالى فيها: (ولتكونن من الخاسرين) بيان ان المرتد إذا رجع إلى الاسلام (1) لم يحبط ما عمل قبل في اسلامه أصلا بل هو مكتوب له ومجازي عليه بالجنة لأنه لا خلاف بين أحد من الأمة لأهم ولا نحن في أن المرتد إذا راجع الاسلام ليس من الخاسرين بل من المربحين المفلحين الفائزين، فصح ان الذي يحبط عمله هو الميت على كفره مرتدا أو غير مرتد، وهذا هو من الخاسرين بلا شك لامن أسلم بعد كفره أو راجع الاسلام بعد ردته، وقال تعالى: (ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) فصح نص قولنا: من أنه لا يحبط عمله ان ارتد الا بأن يموت وهو كافر، ووجدنا الله تعالى يقول:
(إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى). وقال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره). وهذا عموم لا يجوز تخصيصه، فصح ان حجه وعمرته إذا راجع الاسلام سيراهما ولا يضيعان له *