الاطعام عنه ان صح بعد ان مرض، والحنيفيون، والمالكيون لا يقولون: بذلك الا ان يوصى بذلك وإلا فلا فان قالوا: معنى ذلك ان أوصى به قلنا: كذبتم وزدتم في الخبر خلاف ما فيه لان فيه (إن مات ولم يصح لم يطعم عنه) فلو أراد الا ان يوصى بذلك لما كان لتفريقه بين تمادى مرضه حتى يموت فلا يطعم عنه وبين صحته بين مرضه وموته فيطعم عنه، لأنه ان أوصى بالاطعام عنه وان لم يصح أطعم عنه عندهم فبطل تمويههم بهذا الخبر الهالك وعاد حجة عليهم وأما تمويههم بان عائشة، وابن عباس رويا الخبر وتركاه فقول فاسد لوجوه أحدها انه لا يجوز ما قالوا لان الله تعالى إنما افترض علينا اتباع رواية الصاحب عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفترض علينا قط اتباع رأى أحدهم (1) والثاني أنه قد يترك الصاحب اتباع (2) ما روى لوجوه غير تعمد المعصية، وهي ان يتأول فيما (3) روى تأويلا ما اجتهد فيه فأخطأ فأجر مرة، أو أن يكون نسي ما روى فأفتى بخلافه، أو أن تكون الرواية عنه بخلافه وهما ممن روى ذلك عن الصاحب، فإذ كل ذلك ممكن فلا يحل ترك ما افترض علينا اتباعه من سنن رسول الله (4) صلى الله عليه وسلم لما لم يأمرنا باتباعه لو لم يكن فيه هذه العلل فكيف وكلها (5) ممكن فيه؟، ولا معنى لقول من قال: هذا دليل على نسخ الخبر لأنه يعارض بان يقال: كون ذلك الخبر عند ذلك الصاحب دليل على ضعف الرواية عنه بخلافه، أو لعله قد رجع عن ذلك والثالث انهم إنما يحتجون بهذه الجملة إذا وافقت تقليد أبي حنيفة، ومالك، والشافعي وأما إذا خالف قول الصاحب رأى أحد ممن ذكرنا فأهون شئ عندهم اطراح رأى الصاحب والتعلق بروايته، وهذا فعل يدل على رقة الدين وقلة الورع فمن ذلك أن عائشة رضى الله تعالى عنها (6) روت (فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد في صلاة الحضر وأقرت صلاة السفر على الحالة الأولى)، ثم روى عنها من أصح طريق (7) الاتمام في السفر، فتعلق الحنيفيون والمالكيون بروايتها وتركوا رأيها إذا خالفت فيه ماروت، وهي التي روت (أيما امرأة نكحت بغير اذن وليها
(٥)