أنه قال: لو كان أكل الجارح يحرم منه ما بقي لم يحل لاحدان يبادر إلى الضاري (1) حتى يدرى (2) أيأكل منه أم لا؟ * قال أبو محمد: وهذا (قول) (3) في غاية السقوط لان بأول دقيقة يمكن الجارح ان يأكل مما قتل فإن لم يفعل علمنا أنه على مرسله أمسك لاعلى نفسه فكيف ولم نكلف قط هذا؟ إنما أمر عليه السلام ان لا نأكل إذا أكل، واف أوتف لكل عقل يعترض على الله تعالى وعلى رسوله الله صلى الله عليه وسلم، فسقط هذا القول وبطل جملة وبالله تعالى التوفيق * وأما جواز أكل كل ما قتله المعلم من غير الكلاب فقد اختلف في هذا فروينا عن ابن عمر ما رويناه عنه آنفا من أنه لا يحل أكل صيد قتله شئ من الجوارح الا المعلم من الكلاب وحده وصح أيضا عن مجاهد، وصح عن ابن عباس كل ما علم فصاد فأكل ما قتل جائز * واحتج من منع ذلك بان الاخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جاءت في الكلب فقط قالوا: وقول الله تعالى: (وما علمتم من الجوارح مكلبين) إشارة إلى الكلاب قالوا: وسباع الطير. وسباع البر لا يمكن فيها تعليم أصلا حاشا الكلاب فقط * قال أبو محمد: أما الاخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم فكما قالوا الا ان الآية أعم من تلك الأحاديث (4) لقول الله تعالى: (من الجوارح) فعم كل جارح، وهذا لا يجوز تركه لخبر فيه بعض ما في الآية، وأما قوله تعالى: (مكلبين) فليس فيه دليل على أنه لا يؤكل ما قتله غير الكلب من الصيد أصلا لا بنص ولا بدليل بل فيه بيان بأن صيد غير الكلاب جائز بقوله تعالى: (مكلبين) لأنها لا تحتمل هذه اللفظة البتة الا ان يجعلها في حال الكلاب فصح انها غير الكلاب أيضا * وأما قولهم: ان ما عدا الكلاب لا يقبل التعليم المذكور أصلا فالواجب ان ينظر في ذلك فان وجد منها نوع يقبل التعليم فلا ينطلق حتى يطلقه صاحبه وإذا صاد لم يأكل فهو معلم يؤكل ما قتل وان لم يوجد ذلك أصلا فلا يجوز اكل شئ مما قتلت الا ما أدركت ذكاته وهو حي بعد، وبالله تعالى التوفيق، وقد قال قوم: يؤكل صيد البازي وان أكل وهو قول أبي حنيفة * قال أبو محمد: وهذا باطل لان الله تعالى لم يبح لنا ان نأكل الا مما أمسكن علينا لا مما أمسكن جملة ولا مما أمسكن على أنفسهن، وقولنا هو قول الشافعي، وهو أيضا قول عطاء. وعكرمة كما ذكرنا قبل، وعن ابن عباس ما أكلت الجوارح فلا تأكل وبالله تعالى التوفيق * * (1) في النسخة رقم 16 (إلى البازي) (2) في النسخة رقم 16 (حتى يعلم) (3) الزيادة من النسخة 16 (4) في النسخة رقم 16 (من ذلك الأحاديث) * (*)
(٤٧٣)