كلام النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله فلم يبح لنا عز وجل الا ما امسك عليا جوار حنا المعلمة * واما قولنا في التعليم فان الله تعالى لم يبح لنا كما ذكرنا الا ما أمسك علينا جوارحنا المعلمة وبالضرورة ندري ان سباع الطير وذوات الأربع تعلم التصيد بطبعها لا نفسها ومعاشها فلا بد من شئ زائد تعلمه لم تكن تعلمه إلا أن تعلمه لابد من هذا ضرورة والا فكل جارح فهو معلم، وهذا خلاف القرآن. والسنن. ولا يقوله أحد فإذ لابد من هذا فليس ههنا شئ يمكن ان تعلمه الا ما ذكرناه * وقد اختلف المتقدمون في هذا فقال: أبو حنيفة. والشافعي: إذا امسك ولم يأكل وفعل ذلك مرة بعد مرة فهو معلم يؤكل ما قتل بعد تلك المرار ولم يحدا في ذلك حدا، وقال أبو يوسف.
ومحمد بن الحسن: إذا أمسك ولم يأكل ثلاث مرات فهو معلم يؤكل ما قتل في الرابعة ولا يؤكل ما قتل في تلك الثلاث مرات، وقال أبو سليمان (1): إذا أمسك فلم يأكل مرة فهو معلم ويؤكل ما قتل في الثانية ولا يؤكل ما قتل في الأولى، وقال أبو ثور: إذا امسك ولم يأكل فأول مرة يفعل ذلك يؤكل ما قتل * قال أبو محمد: أم قول أبي حنيفة. والشافعي فظاهر الخطأ لأنهما لم يبينا متى يحل اكل ما قتل ومتى لا يحل وما كان هكذا فالسكوت عنه أولى لأنه اشكال محض لا بيان فيه ولا دليل عليه ودين الله تعالى بين لائح قد فصل لنا ما حرم علينا مما لم يحرم ولله تعالى الحمد، فسقط هذا القول بيقين، وأما قول أبى يوسف ومحمد فأظهر فسادا من القول الأول لأنهما حدا حدا لم يأت به نص من قرآن. ولا سنة. ولا قول صاحب. ولا معقول، ولافرق بين من حد بثلاث مرات وبين من حد بأربع. أو بخمس. أو بمرتين. أو بما زاد، وكل ذلك شرع في الدين لم يأذن به الله تعالى فبطل هذا القول بيقين * وأما قول أبى سليمان فإنه احتج بأننا لم نعلم أنه معلم الا بتلك الفعلة الأولى فبها علمنا أنه قد تعلم فهو في الثانية معلم يؤكل ما قتل * قال على: فقلنا: صدقتم انه بتلك الفعلة الأولى علمنا أنه معلم ولا شك انه قبلها لم يكن معلما فلما صح انه معلم بتلك الفعلة صح يقينا انه صاد تلك المرة وهو معلم ولو لم يكن معلما لما أتى بشروط التعليم فإذ صادها وهو معلم فحلال أكل ما صاد فيها وهذا قول أبي ثور، وهذا القول الصحيح بلا شك، وأما مالك. فلم يراع أكل الجارح وهو خطأ لما نذكر إن شاء الله تعالى، وأما جواز أكل ما قتل كيفما قتل فان قوما قالوا: لا يؤكل الا ما جرح لاما قتل بخنق. أو صدم. أو رض. أو غم، واحتجوا بقول الله تعالى: (من الجوارح) * قال على: وهذا جهل منهم لان الجارح الكاسب قال الله تعالى: (ويعلم ما جرحتم بالنهار)