قال أبو محمد: أما هذا القول وتقسيم أحد قولي الثوري فيبطلها كلها ما رويناه من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى نا أبو خيثمة - هو زهير بن معاوية - عن أبي الزبير المكي حدثني جابر قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة نتلقى عيرا (1) لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، قال أبو الزبير:
فقلت لجابر: كيف كنتم تصنعون بها؟ قال: نمصها (كما يمص الصبي) (2)، ثم نشرب عليها من الماء (فتكفينا يومنا إلى الليل) (3) وكنا نضرب بعصينا الخبط فنبله (4) بالماء فنأكله (قال: وانطلقنا على ساحل البحر) (5) فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب (6) الضخم فأتيناه فإذا هو دابة تدعى العنبر قال أبو عبيدة: ميتة، ثم قال: لابل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي سبيل الله تعالى وقد اضطررتم فكلوا فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاثمائة حتى سمنا ولقد رأيتنا نغترف من وقب (7) عينيه بالقلال (8) الدهن ونقتطع منه الفدر (9) كالثور أو كقدر الثور ولقد (10) أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه وأخذ ضلعا من أضلاعه فأقامها، ثم رحل أعظم بعير معنا فمر من تحتها (11) وتزورنا من لحمه وشائق (12)، فلما قدمنا المدينة ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم (13) فقال هو رزق أخرجه الله تعالى لكم فهل معكم من لحمه شئ فتطعمونا؟ فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله) * قال أبو محمد: فهذا ليس من السمك بل هو مما حرمه من ذكرنا وليس مما فكت لحياه بل هو ميتة وهذا هو الصحيح عن جابر لسماع أبى الزبير إياه منه، وهذا بين فيه لقوله لجابر في التمرة كيف كنتم تصنعون بها؟، وإذ ميتة البحر حلال فصيد الوثني وغيره له سواء لأنه لا يحتاج إلى ذكاة إنما ذكاته موته فقط، وأما من حرم الطافي جملة فالرواية في ذلك عن جابر لا تصح لان أبا الزبير لم يذكر فيه سماعا من جابر وهو ما لم يذكر ذلك فمدلس عنه كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، وهي عن علي لا تصح لان ابن