فان نذر ان يحج ماشيا فليمش من الميقات حتى يتم حجه، ومن نذر أن يركب في ذلك فعليه أن يركب ولابد لقول الله تعالى: (يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) فالمشي والركوب إلى كل ما ذكرنا طاعة لله عز وجل * روينا من طريق مالك عن طلحة بن عبد الملك (الأيلي) (1) عن القاسم بن محمد عن عائشة أم المؤمنين قالت قال رسول الله عليه السلام: (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر ان يعصى الله فلا يعصه)، (2) وقال تعالى: (يوفون بالنذر) وقال تعالى: (أوفوا بالعقود) فإنما أمر تعالى بالوفاء بعقود الطاعة لا بعقود المعاصي، وقال قوم: لا يمشى الا في حج، أو عمرة * قال أبو محمد: وهذا خطأ لأنه الزام ما لم ينذره عل نفسه بغير قرآن. ولا سنة، وقال مالك: ان نذر المشي إلى المسجد، أو إلى الكعبة، أو إلى الحرم لزمه فان نذر إلى عرفة، أو إلى مزدلفة، أو منى، أو الصفا والمروة لم يلزمه، وهذا تقسيم بلا برهان * روينا من طريق البخاري نا محمد بن سلام نا الفزاري عن حميد الطويل أخبرني ثابت - هو البناني - عن أنس عن النبي عليه السلام (أنه رأى شيخا يهادى بين بنيه فقال: ما بال هذا؟ قالوا: نذر ان يمشى قال: إن الله لغنى عن تعذيب هذا نفسه وأمره ان يركب) (3) فلم يوجب عليه النبي عليه السلام شيئا لركوبه، وقال تعالى: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) فمن ليس المشي في وسعه فلم يكلفه الله تعالى المشي، وكان نذره لما ليس في وسعه معصية لا يجوز له الوفاء بها * قال على: الفزاري هذا - هو أبو إسحاق - أو مروان بن معاوية وكلاهما ثقة امام * ومن طريق البخاري نا إبراهيم بن موسى نا هشام بن يوسف انا ابن جريج أخبرهم قال: أخبرني سعيد بن أبي أيوب أن يزيد بن أبي حبيب اخبره ان أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني قال: (نذرت أختي ان تمشى إلى بيت الله تعالى (وأمرتني ان استفتى لها النبي صلى الله عليه وسلم) (4) فاستفتيت النبي عليه السلام فقال: لتمش ولتركب) فامرها بكلا الامرين ولم يوجب عليها في ذلك شيئا، وقد علمنا ضرورة أن رسول الله عليه السلام لم يأمرها بالمشي إلا وهي قادرة عليه
(٢٦٤)