في الاعمال المذكورة مخلصا له الدين بها فلم يأت بها. ولا حج لمن لم يأتيها. ولا يجزى ان يقف به غيره هنا لك لقول الله تعالى: (كل نفس بما كسبت رهينة). وقال تعالى:
(ولا تكسب كل نفس الا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وكذلك لو أن امرءا مر (1) بعرفة مجتازا ليلة النحر نزل بها أو لم ينزل. وهو لا يدرى أنها عرفة فلا يجزئه ذلك ولا حج له حتى يقف بها قاصدا إلى الوقوف بها كما أمره الله تعالى * واختلف الناس في هذا، فقال مالك: لا يجزى ان يحرم أحد عن غيره فإذا أحرم بنية الحج أجزأ كل عمل في الحج بلا نية، وقال أبو حنيفة. والشافعي: اعمال الحج كلها تجزى بلا نية ولو أن من لم يحج قط حج ولا ينوى إلا التطوع أجزأه عن حجة الفرض * قال أبو محمد: وهذه أقوال في غاية الفساد والتناقض، وقد أجمعوا لو أن امرءا عليه صلاة الصبح فصلى ركعتين تطوعا. أو عليه الظهر فصلى أربعا تطوعا ان ذلك لا يجزئه من الفرض وأن من عليه زكاة خمسة دراهم فتصدق بخمسة دراهم تطوعا أنها لا تجزئه من الفرض، وأجمعوا إلا زفر أن من صام يوما من رمضان ينوى به التطوع فقط، أو لا ينوى به شيئا فإنه لا يجزئه من صوم الفرض، فليث شعري أي فرق بين الصوم، والصلاة، والزكاة، والحج لو نصحوا أنفسهم!؟، (فان قالوا): قد روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر ان للصبي حجا، وسمع أنسانا لم يكن حج يلبى عن شبرمة فقال (له): (2) اجعل حجك هذا عن نفسك، ثم حج عن شبرمة (3) قلنا: أما إخباره عليه السلام ان للصبي حجا فخبر صحيح ثابت ولا متعلق لكم به لأنه لم يجعل عليه السلام ذلك الحج جازيا من حج الفريضة فهو حجة لنا عليكم، ونحن نقول: إن للصبي حجا كما قال عليه السلام وهو تطوع لا يجزى عن الفرض، ونحن نقول: إن للصبي صلاة، وصوما وكل ذلك تطوع منه له، وقد كان الصبيان يشهدون الصلوات مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كما حج بهم معه ولافرق، وأما خبر شبرمة فلا يصح ولو صح لما كان لهم فيه حجة لأنه ليس فيه ان حجه عن شبرمة يجزى عن الذي حج عنه بل هو حجة عليهم لان فيه ان يجعل الحجة عن نفسه، وفى هذا إيجاب للنية (4) بها عن نفسه فهو حجة عليهم، وبالله تعالى التوفيق *