أقول: ظاهر العبارة لا يساعد ما نسب الشيخ إليه لأنه يقول: (الذي يظهر من مجموع الأخبار الواردة اختصاص حرمة الغناء وما يتعلق به.) وهذا ظاهر في القول بحرمة الغناء إلا أنه يرى عدم حرمة ما كان منه في القرآن والمواعظ ونحوها، فهو غير منكر لأصل الحكم بل من القائلين بالحرمة في الجملة قال الشيخ: ونسب القول المذكور إلى صاحب الكفاية أيضا. والموجود فيها بعد ذكر الأخبار المتخالفة جواز أو منعا في القرآن وغيره: إن الجمع بين هذه الخبار يمكن بوجهين: أحدهما: تخصيص تلك الأخبار الواردة المانعة بما عدا القرآن، وحمل ما يدل على ذم التغني بالقرآن على قراءة يكون على سبيل اللهو، كما يصنعه الفساق في غنائهم، ويؤيده رواية عبد الله بن سنان اقرأوا القرآن بألحان العرب، وإياكم ولحون أهل الفسق والكبائر، وسيجئ من بعدي أقوام يرجعون القرآن ترجيع الغناء. وثانيهما: أن يقال وحاصل ما قال حمل الأخبار المانعة على الفرد الشائع في ذلك الزمان. قال: والشائع في ذلك الزمان الغناء على سبيل اللهو من الجواري وغيرهن، في مجالس الفجور والخمور والعمل بالملاهي والتكلم بالباطل واسماعهن الرجال، فحمل المفرد المعرف - يعني لفظ الغناء على تلك الأفراد الشائعة في ذلك الزمان غير بعيد. إلى أن قال:
إن في عدة من أخبار المنع عن الغناء أشعارا بكونه لهوا. وصدق ذلك في القرآن والدعوات والأذكار المقروة بالأصوات الطيبة المذكرة المهيجة للأشواق إلى العالم الأعلى محل تأمل.
على أن التعارض واقع بين أخبار الغناء والأخبار الكثيرة المتواترة الدالة على فضل قراءة القرآن والأدعية والأذكار، مع عمومها لغة وكثرتها وموافقتها للأصل، والنسبة بين الموضوعين العموم من وجه. فإذا لا ريب في تحريم