ينقض الحكم، وكان الضمان على الشهود).
أقول: أما عدم نقض الحكم فعليه الاجماع بقسميه كما في الجواهر.
وقد استدل له بأمور:
الأول: مرسلة جميل. فأما دلالتها فتامة، وأما سندها فمنجبر كما تقدم.
الثاني: الخبران النبوي والعلوي المتقدمان. لكن فيه أنهما ظاهران في صدور الحكم استنادا إلى الكلام الأول، فلا علاقة لهما بهذه الصورة.
الثالث: استصحاب الصحة. لكن فيه: أنه إن كان المراد صحة الحكم فإنه بعد الرجوع ينكشف عدم تمامية الحكم من أصله، وحينئذ فلا حالة سابقة بالصحة حتى تستصحب، فهو نظير ما إذا باع خلا فانكشف كونه خمرا حين العقد، فالعقد باطل من حينه، وليس كالبيع الواقع صحيحا ثم إذا شك في انفساخه استصحب اللزوم. هذا إذا كان المستصحب صحة الحكم.
وإن كان المراد صحة الشهادة الأولى، بأن يقال: الشهادة السابقة وقعت صحيحة واقعا أو ظاهرا، فيستصحب تلك الصحة ويصح الحكم المستند إليها . ففيه: أن أدلة " ضع فعل أخيك على أحسنه " لا تشمل الشهادة التي رجع عنها الشاهد نفسه، وإلا كان دليل الحمل على الصحة مشرعا. ولو فرض تمامية أصالة الصحة في الشهادة الأولى فإنها جارية في الثانية كذلك، فيتعارضان.
الرابع: اطلاق ما دل على صحة ما لم يعلم فساده.
وفيه: أن هذا شامل للشهادة الثانية المكذبة للأولى أيضا.
الخامس: إن الرجوع لا يدل على فساد الشهادة الأولى، إذ يمكن كون الرجوع كذبا، بل هو كالانكار بعد الاقرار.
وفيه: إنما لا يسمع الانكار بعد الاقرار، لأن الاقرار يكون دائما في ضرر المقر، فإذا أنكر بعده كان للخلاص من الضرر فلا يسمع فالقياس مع الفارق.