ثم إن اعترف الشهود بأنهم تعمدوا الكذب في الشهادة الأولى فهم فسقة وإن قالوا: غلطنا أو أخطأنا فلا فسق، ووجه القبول منهم حينئذ هو أن صاحب القول كصاحب اليد يسمع قوله.
وهل تقبل منهم تلك الشهادة لو أعادوها؟
نسب في الجواهر إلى القواعد والمسالك: عدم القبول. قال: ولعله لحسن محمد بن قيس عن الباقر عليه السلام: " في رجل شهد عليه رجلان أنه سرق فقطع يده، حتى إذا كان بعد ذلك جاء الشاهدان برجل آخر فقالا:
هذا السارق وليس الذي قطعت يده، إنما اشتبهنا ذلك بهذا، فقضى عليهما أن غرمهما نصف الدية ولم يجز شهادتهما على الآخر " (1).
إلا أنه مع ذلك الأقوى القبول إذا كانا معروفين بالعدالة والضبط تبعا لكشف اللثام والجواهر، للعمومات التي يقصر الخبر المزبور عن تخصيصها، وخلافا لصريح المسالك حيث قال: لكن لا تقبل تلك الشهادة لو أعادوها.
وأما نسبة الجواهر العدم إلى القواعد ففيها أنا لم نجد ذلك في القواعد، فقد قال العلامة رحمه الله فيها: " الفصل السابع في الرجوع ومطالبة ثلاثة:
الأول في الرجوع في العقوبات: إذا رجع الشاهد في العقوبة قبل القضاء منع من القضاء (قال كاشف اللثام: اتفاقا للشبهة) ولو كانوا قد شهدوا بالزنا حدوا للقذف، وإن قالوا: غلطنا فالأقرب سقوط الحد. ولو لم يصرح بالرجوع بل قال للحاكم: توقف للحكم، ثم قال له: أحكم، فالأقرب جواز الحكم ما لم يحصل للحاكم ريبة، وهل يجب الإعادة؟ اشكال " قال كاشف اللثام: من حصول الأداء الصحيح من أهله، والأصل، وقد زال التوقف بعد طروه. ومن ابطال التوقف له، لأنه تشكيك في الشهادة وهو خيرة التحرير.