من الشهود، والقائل بالكفائية يقول: لا يجب الأداء إلا مع العلم بضياع الحق، فالنزاع معنوي.
قلت: إن كان ما ذكره مستفادا من الأخبار فهو، إذ يكون حينئذ حكما تعبديا، وإلا فإن العقل لا يفرق في لزوم الاحتياط لغرض حفظ الحق عن الضياع بين العينية والكفائية إلى أن يحصل اليقين بحصول الغرض، فلننظر في الأخبار في هذا المقام، فنقول:
إن مقتضى اطلاق الآية الكريمة والأخبار وجوب الأداء على كل من شهد سواء أشهد أو لا، لكن مقتضى بعض الأخبار (1) هو عدم الوجوب إن لم يشهد:
1 - محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام: (إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار إن شاء شهد وإن شاء سكت).
2 - هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام: (إذا سمع الرجل الشهادة ولم يشهد عليها فهو بالخيار وإن شاء سكت. وقال إذا أشهد لم يكن له إلا أن يشهد).
فقوله (إذا أشهد..) تصريح بمفهوم صدر الخبر.
3 - محمد بن مسلم: (سألت أبا جعفر عن الرجل يحضر حساب الرجلين فيطلبان منه الشهادة على ما سمع منهما. قال: ذلك إليه إن شاء شهد وإن شاء لم يشهد، وإن شهد شهد بحق قد سمعه، وإن لم يشهد فلا شئ لأنهما لم يشهداه).
4 - محمد بن مسلم عن أبي جعفر مثله.
مقتضى هذه النصوص عدم الوجوب إذا لم يشهد، فلا يحرم الكتمان حينئذ، فهي مقيدة لما تقدمت الإشارة إليه.