حيث إنه بعد أن روى في المحكي من فقيهه: (قيل للصادق عليه السلام إن شريكا يرد شهادتنا. فقال: لا تذلوا أنفسكم) قال: ليس يريد بذلك النهي عن إقامتها، لأن إقامة الشهادة واجبة، إنما يعني بها تحملها، يقول:
لا تتحملوا الشهادة فتذلوا أنفسكم بإقامتها عند من يردها) بل هو فتوى المصنف في النافع قال: ويكره أن يشهد لمخالف إذا خشي أنه لو استدعاه إلى الحاكم ترد شهادته).
قلت: أما أولا فإن الخبر المزبور قاصر السند بل ضعيف كما في الرياض. (1) وأما ثانيا: فإن ظاهر في الأداء، وقد حمله الصدوق والحلي على التحمل دون الأداء. قال في الرياض: وظاهر هما عدم الاستشكال في جواز ترك التحمل وهو مشكل جدا.
وأما ثالثا: يحتمل أن يريد الصدوق والحلي من ترك التحمل اختفاء نفسه عن المخالف لئلا يشهد، لا تركه عند الاشهاد. قاله في الرياض.
وأما رابعا: لعل كلام الإمام عليه السلام ونهيه عن الشهادة هذه هو من جهة عدم أهلية شريك للقضاء، فكأنه قال: إنه حيث يكون الجالس للقضاء غير صالح له فلا يجب التحمل لأجل الشهادة عنده، ففي ذلك مذلة للشيعة.
وأما خامسا: سلمنا لكن عدم وجوب التحمل مخصوص بهذه الحالة، بأن يكون هذا الخبر بعد غض النظر عما في سنده مخصصا لما دل على وجوبه مطلقا.
ومما ذكرنا في الوجوه التي ذكرها صاحب الجواهر لعدم الوجوب يظهر ما في قوله: (فالانصاف عدم خلو القول بعدم وجوبه وأنه مستحب بل تركه مكروه من قوة.).