إلا أنه يمكن أن يقال بعدم الحاجة إلى الاستدلال لبقاء الأحكام الواقعية على حالها بالأصل، لعدم الشك في كونها باقية، وأما أدلة الحكم ونفوذه فهي مجعولة لفصل الخصومة، فإن طابق الواقع كان أثره ترتيب الأثر على الأحكام الواقعية، وإن خالفه كان حكما ثانويا في الظاهر، وأثره فصل الخصومة وحل النزاع، ولا علاقة له بالأحكام الواقعية فإنها على حالها.
ولعل هذا مراد الشيخ في الخلاف حيث قال: إذا ادعي على رجل عند الحاكم حقا فأقام المدعي شاهدين بما يدعيه، فحكم الحاكم له بشهادتهما كان حكمه تبعا لشهادتهما، فإن كانا صادقين كان حكمه صحيحا في الظاهر والباطن، وإن كانا كاذبين كان حكمه صحيحا في الظاهر باطلا في الباطن، سواء كان في عقد أو رفع عقد أو فسخ عقد أو كان مالا.
وبه قال شريح ومالك وأبو يوسف ومحمد والشافعي.
وقال أبو حنيفة: إن حكم بعقد أو رفعه أو فسخه وقع حكمه صحيحا في الظاهر والباطن معا.. فمن ذلك: إذا ادعى إن هذه زوجتي فأنكرت فأقام شاهدين شهدا عنده بذلك، حكم بها له وحلت له في الباطن، فإن كان لها زوج بانت منه بذلك، وحرمت عليه وحلت للمحكوم له بها. وأما رفع العقد فالطلاق إذا ادعت أن زوجها طلقها ثلاثا وأقامت به شاهدين فحكم له بانت منه ظاهرا وباطنا، وحلت لكل أحد، وحل لكل واحد من الشاهدين أن يتزوج بها، وإن كانا يعلمان أنهما شهدا بالزور.
دليلنا قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم. إلى قوله: والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم) وأراد بالمحصنات زوجات الغير، فحرمهن علينا إلا بملك اليمين سبيا أو استرقاقا. وأبو حنيفة أباحهن لنا بحكم باطل.
الثالث: ما روي بأسانيد عديدة عن المعصوم عن النبي صل الله عليه وآله