المترتب عليه ليس كالفرار من المؤذيات الدنيوية الواجب الحذر منها وجوبا توصليا، على أن لازم ذلك أن لا تقبل عبادة المطيعين لله خوفا من ناره أو طمعا في جنته، وهذا لا يلتزم به أحد.
هذا كله بالنسبة إلى الأمر الأول.
وأما الثاني وهو اشتراط استبانة استمراره على الصلاح، فقد نص عليه غير المحقق من الفقهاء كالعلامة في القواعد، والشهيد في الدروس.
قال المحقق: (وقال الشيخ: يجوز أن يقول: تب أقبل شهادتك).
أقول: هذا قول الشيخ في موضع من المبسوط، قال العلامة: (وليس بجيد، نعم لو عرف استمراره على الصلاح قبلت) وفي الدروس: (هذا يتم إذا علم منه التوبة بقرائن الأحوال).
وفي المسالك: (وذهب الشيخ في موضع من المبسوط إلى الاكتفاء باظهار التوبة عقيب قول الحاكم له: تب أقبل شهادتك، لصدق التوبة المقتضي لعود العدالة مع انتفاء المانع، فيدخل تحت عموم قبول شهادة العدل.
وأجيب بمنع اعتبار توبته حينئذ لأن التوبة المعتبرة هو أن يتوب عن القبيح لقبحه، وهنا ظاهرها أنها لا لقبحه، بل لقبول الشهادة، وفيه نظر، لأنه لا يلزم من قوله تب أقبل شهادتك. كون التوبة لأجل ذلك، بل غايته أن تكون التوبة علة في القبول، أما أنه غاية لها فلا، وأيضا فالمأمور به التوبة المعتبرة شرعا، لا مطلق التوبة، فالمغياة بقبول شهادته ليست كذلك، نعم مرجع كلامه إلى أن مضي الزمان المتطاول ليس بشرط في ظهور التوبة، والأمر كذلك إن فرض غلبة ظن الحاكم بصدقة في توبته في الحال، وإلا فالمعتبر ذلك).
قال في الجواهر: ومرجع ذلك إلى كون النزاع مع الشيخ لفظيا، وهو خلاف ما فهمه المصنف وغيره.