إلا أن شيخنا أبا جعفر " رحمه الله " رجع عما ذكره في نهايته، في مبسوطه في الجزء الرابع، في كتاب الأيمان، في فصل كفارة يمين العبد، قال: " النذر ضربان: نذر تبرر وطاعة، ونذر لجاج وغضب، فالتبرر أن يعلقه بابتداء نعمة، أو دفع بلية ونقمة، فابتداء النعمة أن يقول: إن رزقني الله ولدا أو عبدا فمالي صدقة، وإن رزقني الحج فعلى صوم شهر. ودفع النقمة قوله: إن شفى الله مريضي، إن خلصني من هذا الكرب، إن دفع عني شر هذا الظالم، فعلي صدقة مال، أو صوم شهر، فإذا وجد شرط نذره لزمه الوفاء به، بلا خلاف، لقوله عليه السلام: " من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه " (1) غير أنا نراعي أن يقول ذلك " لله علي كذا " لأن ما عدا ذلك لا ينعقد به نذر، ولا تخلفه كفارة، هذا آخر كلامه " رحمه الله " (2).
إذا قال: لله علي حجة، عندنا يلزمه الوفاء به، فإن عينه في سنة بعينها، وخالف وجبت عليه كفارة النذر، وانحل النذر، وإن أطلقه لا ينحل، ووجب عليه الوفاء.
ومن قال: متى كان كذا وكذا فلله علي المشي إلى بيت الله، أو إهداء (3) بدنة إليه، فمتى كان ذلك الشئ وجب عليه الوفاء به.
فإن قال: متى كان كذا فلله علي أن أهدي هذا الطعام إلى بيته، لم يلزمه ذلك، لأن الإهداء لا يكون إلا في النعم خاصة، ولا يكون بالطعام.
والمعاهدة هو أن يقول: قد عاهدت الله تعالى أو علي عهد الله متى كان كذا فعلي كذا، فمتى قال ذلك، وجب عليه الوفاء به عند حصول ما شرط حصوله:
وجرى ذلك مجرى النذر في جميع الأحكام سواء.
والنذر والعهد معا إنما يكون لهم تأثير إذا صدرا عن نية، فمتى تجردا من النية لم يكن لهما حكم على حال.