فإذا ثبت ذلك، فإنه يجب عليه الرجم إن كانا محصنا، والجلد إن لم يكن كذلك ويضرب (1) زيادة على الحد تعزيرا، لانتهاكه حرمة الأموات، والجرأة على ذلك، فإن كانت الموطوءة زوجته أو أمته، وجب عليه التعزير دون الحد، للشبهة الداخلة عليه في ذلك.
ويثبت الحكم في ذلك بإقرار الفاعل على نفسه مرتين، أو شهادة عدلين، هذا ما روي (2) في أخبار الآحاد.
والذي تقتضيه الأدلة وأصول مذهبنا، أن الإقرار أربع مرات، والشهادة أربع رجال، لأنا أجمعنا أنه زان وزنا، والزنا بإجماع المسلمين لا يثبت إلا بشهادة أربعة رجال، أو إقرار الفاعل أربع مرات، والإجماع فغير منعقد على تخصيص ذلك، ولا يرجع في ذلك إلى أخبار الآحاد، ولا كتاب مصنف، وإن كان قد أورد ذلك شيخنا في نهايته (3) إيرادا لا اعتقادا كما أورد أمثاله من أخبار الآحاد.
وحكم المتلوط بالأموات، حكم المتلوط بالأحياء على السواء، لا يختلف الحكم في ذلك، بل تغلظ عقوبته، لانتهاكه حرمة الأموات.
ومن وطأ بهيمة، كان عليه التعزير حسب ما يراه الحاكم من الصلاح في الحال، ويغرم ثمن البهيمة لصاحبها إن لم تكن له، إذا كانت مما يركب ظهرها في الأغلب، كالخيل والبغال والحمير، وإن كان يقع على هذه الأجناس الذكاة، وتؤكل عندنا لحومهن، إلا أنه غير غالب عليهن، بل ركوب ظهورها هو الأغلب، واتخاذها لذلك هو المقصود الأشهر، وأخرجت من البلد الذي فعل بها ما فعل إلى بلد آخر، وبيعت هناك لئلا يعير صاحبها بها، على ما روي (4) في الأخبار هذا التعليل، فإذا بيعت، كان الثمن لمن غرمناه ثمنها، لأن صاحبها قد أخذ ثمنها، وصارت.