وروي أنه إذا وطئ الرجل امرأته، فقامت فساحقت جارية بكرا، فألقت ماء الرجل في رحمها، وحملت الجارية، وجب على المرأة الرجم، وعلى الجارية إذا وضعت مائة جلدة، وألحق الولد بالرجل، وألزمت المرأة المهر للجارية، لأن الولد لا يخرج منها إلا بعد ذهاب عذرتها (1).
فإن عضد هذه الرواية دليل من كتاب، أو سنة متواترة، أو إجماع، وإلا السلامة التوقف فيها، وترك العمل بها، والنظر في دليل غيرها، لأنا قد قلنا إن جل أصحابنا لا يرجمون المساحقة، سواء كانت محصنة أو غير محصنة، واستدللنا على صحة ذلك، فكيف نوجب على هذه الرجم.
وإلحاق الولد بالرجل، فيه نظر يحتاج إلى دليل قاطع، لأنه غير مولود على فراشه، والرسول عليه السلام قال - الولد للفراش - (2) وهذه ليست بفراش للرجل، لأن الفراش عبارة في الخبر عن العقد، وإمكان الوطئ، ولا هو من وطئ شبهة بعقد (3) الشبهة.
وإلزام المرأة المهر أيضا فيه نظر، ولا دليل عليه، لأنها مختارة غير مكرهة، وقد بينا أن الزاني إذا زنا بالبكر الحرة البالغة، لا مهر (4) عليه إذا كانت مطاوعة، والبكر المساحقة هاهنا مطاوعة، قد أوجبنا عليها الحد، لأنها بغي، والنبي عليه السلام - نهى عن مهر البغي - (5) فهذا الذي يقال على هذه الرواية، فإن كان عليها دليل غيرها من إجماع وغيره، فالتسليم للدليل دونها، فليلحظ ما نبهنا عليه ويتأمل، ولا ينبغي في الديانة أن يقلد أخبار الآحاد، وما يوجد في سواد الكتب.
وإذا افتضت امرأة بكرا بإصبعها، فذهبت بعذرتها، لزمها مهرها، إذا كان ذلك بغير اختيارها، وكانت البكر عاقلة بالغة فإن أمرتها بذلك، فلا شئ على المرأة الفاعلة من المهر بحال، وكذلك الرجل إذا ذهب بعذرة البكر، حرفا فحرفا،