وروي أن الرجل إذ زنى بمجنونة، لم يكن عليه (1) رجم إذا كان محصنا، وكان عليه جلد مائة، وليس على المجنونة شئ بحال، لا جلد ولا رجم، ولا تعزير (2).
فإن زنى مجنون بامرأة عاقلة، لم يكن عليه أيضا شئ بحال، ووجب على المرأة الحد تاما.
وقد روي في بعض الأخبار أن على المجنون إذا كان فاعلا الحد تاما جلد مائة، أو الرجم (3).
أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته (4)، وشيخنا المفيد في مقنعته (5).
والذي يقتضيه أصول مذهبنا ما قدمناه، أنه لا حد على المجنون والمجنونة، لأنهما غير مخاطبين بالتكاليف والأحكام، ولا قام دليل على ذلك فيهما، والأصل براءة الذمة، وثبوت ذلك عليهما يحتاج إلى شرع، ولا يرجع في مثل ذلك إلى أخبار آحاد، أو إيراد مصنف في كتابه، أو فتياه لأن جميع ذلك لا يوجب علما ولا عملا.
ومن زنى وتاب قبل قيام البينة عليه بذلك، درأت التوبة عنه الحد، فإن تاب بعد قيام الشهادة عليه، وجب عليه الحد، ولم يجز للإمام العفو عنه، سواء كان حده جلدا أو رجما.
فإن كان (6) أقر على نفسه وهو عاقل حر، عند الإمام، ثم أظهر التوبة، كان للإمام الخيار في العفو أو إقامة الحد عليه، حسب ما يراه من المصلحة في ذلك، هذا إذا كان الحد رجما يوجب تلف نفسه، فأما إذا كان الحد جلدا فلا يجوز العفو عنه. ولا يكون الحاكم بالخيار فيه، لأنا أجمعنا على أنه بالخيار في الموضع الذي ذكرناه، ولا إجماع على غيره، فمن ادعاه وجعله بالخيار، وعطل حدا من حدود الله فعليه الدليل.