ويثبت حكم الزنا بشيئين أحدهما إقرار الفاعل العاقل الحر بذلك على نفسه، من غير إكراه ولا إجبار أربع مرات في أربعة أوقات، دفعة بعد أخرى، فإذا أقر أربع مرات على ما قدمناه، وكان حرا بالوطي في الفرج، حكم له بالزنا، ووجب عليه ما يجب على فاعله.
فإن أقر أقل من ذلك، أو أقر أربع مرات بوطئ ما دون الفرج المقدم ذكره، لم يحكم له بالزنا، وكان عليه التعزير حسب ما يراه الإمام، ولا يتجاوز بذلك أكثر من تسعة وتسعين سوطا، على ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
والثاني قيام البينة بالزنا، وهو أن يشهد رجال عدول، على رجل أنه وطي امرأة ليس بينه وبينها عقد ولا شبهة عقد، وشاهدوه وطأها في الفرج، بأن أدخل العضو في العضو، مثل الميل في المكحلة، فإذا شهدوا كذلك، قبلت شهادتهم، وحكم عليه بالزنا، سواء كان حرا أو عبدا، إذا كان كامل العقل، ووجب عليه ما يجب على فاعله على ما نبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
فإن شهد الأربعة بالزنا، ولم يشهدوا عليه بالمعاينة، كان على كل واحد منهم حد الفرية.
فإن شهد عليه أقل من الأربعة، وادعوا المشاهدة، كان عليهم أجمع حد الفرية.
فإن شهد الأربعة، واختلفوا في شهادتهم، فبعضهم شهد بالمعاينة، وبعضهم شهد بغير ذلك، كان أيضا عليهم حد الفرية.
فإن شهد الأربعة باجتماع الرجل مع امرأة في إزار واحد مجردين من ثيابهما، أو شهدوا بوطئ ما دون الفرج، قبلت شهادتهم، ووجب على فاعل ذلك التعزير.
وإذا شهد الشهود على امرأة بالزنا، وادعت أنها بكر، أمر أربع من ثقات النساء أن ينظرن إليها، فإن كانت كما ذكرت، لم يكن عليها حد، وإن لم تكن كذلك أقيم عليها الحد.
وهذا الحكم لا يصح إلا بأن يكون شهادة الشهود بالوطي في القبل دون الدبر، فأما إذا شهدوا بالوطي في الدبر، لم ينفعها دعواها البكارة، ولا شهادة النساء