وقد رجع شيخنا أبو جعفر، عما قاله في نهايته، في كتاب التبيان، فقال في تفسير قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم " فقال هذا الخطاب يتوجه إلى جميع المؤمنين، ويدخل فيه الفساق بأفعال الجوارح وغيرها، لأن الإيمان لا ينفي (1) الفسق عندنا، وعند المعتزلة أنه خطاب لمجتنبي الكبائر، هذا آخر كلامه رحمه الله في التبيان (2).
وإذا وقف على الشيعة، ولم يميز منهم قوما دون قوم، كان ذلك ماضيا في الإمامية، والجارودية من الزيدية، دون البترية، والبترية فرقة تنسب إلى كثير النواء، وكان أبتر اليد، - ويدخل معهم ساير فرق الإمامية، من الكيسانية -، وهم القائلون بإمامة محمد بن الحنفية، وأنه اليوم حي، وهو المهدي الذي يظهر، والناووسية، - القائلون بأن جعفر بن محمد عليه السلام لم يمت، وهو المهدي، والفطحية القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر الصادق عليه السلام وقيل إنه كان أفطح الرجلين، والواقفية وهم القائلون بأن موسى بن جعفر الكاظم عليهما السلام لم يمت، وأنه المهدي، والاثني عشرية على ما روي (3). وأورده شيخنا في نهايته (4).
وقد قلنا ما عندنا في أمثال ذلك، وهو أن نية القربة معتبرة في صحة الوقف، فإن كان الواقف من إحدى هذه الفرق، حمل كلامه العام على شاهد حاله، وفحوى قوله، وخصص به، وصرف في أهل نحلته، دون من عداهم من ساير المنطوق به، لما دللنا عليه فيما مضى، وإنما هذه أخبار آحاد، رواها المحق والمبطل من الشيعة، فأوردها شيخنا في نهايته، كما هي بألفاظها.
فإن وقفه على الإمامية خاصة، كان فيمن قال بإمامة الاثني عشر منهم، فإن وقفه على الزيدية، وكان الواقف زيديا، كان على القائلين بإمامة زيد بن علي بن الحسين، وإمامة كل من خرج بالسيف من ولد فاطمة عليها السلام من أهل الرأي