كتاب الوقوف والصدقات وجوه العطايا ثلاثة: اثنان منها في حال الحياة وواحد بعد الوفاة.
فالذي بعد الوفاة الوصية، ولها كتاب منفرد نذكره فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
وأما اللذان في حال الحياة فهما الهبة والوقف، فإن قيل: والصدقة، قلنا:
الوقوف في الأصل صدقات، فلا جل هذا لم نذكرها.
والهبة لها باب مفرد يجئ فيما بعد، إن شاء الله.
وأما الوقوف فهذا موضعها، فإذا ثبت هذا، فالوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة، وجمعه وقوف وأوقاف، يقال: وقفت، ولا يقال: أوقفت، إلا شاذا نادرا، ويقال: حبست، وأحبست.
فإذا وقف شيئا زال ملكه عنه، إذا قبض الموقوف عليه أو من يتولى عنه، وإن لم يقبض لم يمض الوقف، ولم يلزم، فإذا قبض الوقف فلا يجوز له الرجوع فيه بعد ذلك، ولا التصرف فيه ببيع ولا هبة ولا غيرهما، ولا يجوز لأحد من ورثته التصرف فيه، سواء أحدث الموقوف عليه ما يمنع الشرع من معونته، أو لم يحدث، لأنه بعد قبضه قد صار ملكا من أملاكه، ومالا من أمواله، فله حكم ساير أمواله.
وقال شيخنا المفيد " في مقنعته " " الوقوف في الأصل صدقات لا يجوز الرجوع فيها، إلا أن يحدث الموقوف عليهم ما يمنع الشرع من معونتهم، والقربة إلى الله بصلتهم، أو يكون تغييرا لشرط في الوقوف إلى غيره أدر عليهم وأنفع لهم من تركه على حاله " (1).