مع تعذر تنفيذ الحق، يقتضي الحكم بالجور (1)، مع كونه كذلك ينافي الحكم بغير علم واعتبرنا اجتماع العقل والرأي، لشديد (2) حاجة الحكم إليهما، وتعذره صحيحا من دونهما.
واعتبرنا سعة الحلم، لتعرضه بالحكم بين الناس للبلوى بسفهائهم، فيسعهم بحلمه.
واعتبرنا البصيرة بالوضع، من حيث كان الجهل بلغة المتحاكمين إليه يسد طريق العلم بالحكم عنه (3) ويمنع من وضعه موضعه.
واعتبرنا الورع، من حيث كان انتفاؤه لا يؤمن معه الحيف في الحكم لعاجل رجاء أو خوف من غيره سبحانه.
واعتبرنا الزهد لئلا تطمح نفسه (4) ما لم يؤته الله تعالى، فيبعثه ذلك على تناول أموال الناس، لقدرته عليها، وانبساط يده بالحكم فيها.
واعتبرنا التدين، من حيث كان تقليد الحكم رياسة دنيوية، أو الاستعلاء على النظراء، أو للمعيشة لا يؤمن معه جوره، ولا يتقى (5) ضرره.
واعتبرنا القوة وصدق العزيمة في تنفيذ الأحكام، من حيث كان الضعف مانعا من تنفيذ الحكم على موجبه، ومقصرا بصاحبه عن القيام بالحق، لصعوبته وعظيم المشقة في تحمله.
فمتى تكاملت هذه الشروط، فقد أذن له في تقلد الحكم، وإن كان مقلده ظالما متغلبا.
وعليه متى عرض لذلك أن يتولاه لكون هذه الولاية أمرا بمعروف، ونهيا عن منكر، تعين غرضهما بالتعريض للولاية عليه، وهو إن كان في الظاهر من قبل المتغلب، فهو في الحقيقة نائب عن ولي الأمر عليه السلام في الحكم، ومأهول له لثبوت الإذن منه ومن آبائه عليهم السلام لمن كان بصفته في ذلك، فلا يحل له