وعلى ما هو الأمر عليه في نفسه.
ثم أن يكون جيد الحفظ لما يفهمه ويحسه لا يكاد ينساه.
ثم أن يكون حسن العبارة يواتيه لسانه على إبانة كلما يضمره إبانة تامة.
ثم أن يكون محبا للعلم والحكمة لا يولمه التأمل في المعقول ولا يؤذيه الكد الذي يناله منها.
ثم أن يكون بالطبع غير شره على الشهوات متجنبا بالطبع للعب ومبغضا للذات الكائنة الفاسدة.
ثم أن يكون كبير النفس محبا للكرامة يكبر نفسه بالطبع على كلما يشين ويضيع من الأمور ويسمو نفسه بالطبع إلى الأرفع منها.
ثم أن يكون الدرهم والدينار وسائر أعراض الدنيا هينة عنده.
ثم أن يكون بالطبع محبا للعدل وأهله ومبغضا للجور والظلم وأهله يعطي النصف من أهله ومن غيره ويحث عليه ويؤتي لمن حل به الجور مواتيا لكل ما يراه حسنا جميلا عدلا غير صعب انقياد ولا جموح ولا لجوج إذا دعا إلى العدل وصعب الانقياد إذا دعا إلى الجور أو القبيح بوجه.
ثم أن يكون قوي العزيمة على الشيء الذي يرى أنه ينبغي أن يفعل جورا عليه مقدما غير خائف ولا ضعيف النفس.
فهذا لوازم خصائصه الثلاث التي ذكرناها سابقا واجتماع هذه كلها في إنسان واحد عسر.
فلهذا لا يوجد من فطر هذه الفطرة إلا الواحد بعد الواحد كما قاله الشيخ أبو علي:
جل جناب الحق عن أن يكون شريعة لكل وارد أو يطلع عليه إلا واحد بعد واحد.