الكهف وقول الله تعالى: و كذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق.
فبعض هذه النصوص والعبارات يدل على أن المعاد للأبدان وبعضها يدل على أنه للأرواح.
والتحقيق أن الأبدان الأخروية مسلوب عنها كثير من لوازم هذه الأبدان فإن بدن الآخرة كظل لازم للروح وكعكس ومثال له بخلاف هذا البدن المستحيل الفاسد.
ولا تعجب لأولي الألباب من النشأة الثانية بل تعجبهم من النشأة الأولى أكثر بكثير إلا أن الأولى لما كانت محسوسة مشاهدة معتادة سقط التعجب منها كما ذكره بعض العرفاء: أنه لو سمع عاقل قبل أن يشاهد أن إنسانا يحرك نفسه فوق امرأة مرارا كما تحرك المخيض وخرج من بعض أجزائه شيء مثل زبد سيال فيخفى ذلك الشيء في بعض أعضاء المرء ويبقى مدة على هذه الحالة ثم يصير علقة ثم العلقة مضغة ثم المضغة يصير عظاما ثم يكسي العظام لحما ثم يحصل منه الحركة فيخرج موضعا لم يعهد خروج شيء منه على حالة لا يهلك أمه ولا يشق عليها ولادته ثم يفتح عينه ويحصل في ثدي الأم مثل شراب سائغ لم يكن فيها قبل ذلك شيء ويغتذي به الطفل إلى أن يصير هذا الطفل بالتدريج صاحب صناعات واستنباطات بل ربما يكون هذا الذي يكون أصله نطفة وهو عند الولادة أضعف خلق الله عن قريب ملكا جبارا قهارا يملك أكثر العالم ويتصرف فيه فإن التعجب من ذلك أكثر وأوفر من التعجب من النشأة الثانية.