ولفظ المعاد دال على هذا المعنى فإن الرجوع والعود يقتضي المجيء والسابقية ويستوي في هذا السفر الذاتي إلى الحق تعالى والميل الغريزي إليه المطيع والعاصي والمنعم والمعذب والكافر والمسلم والجميع في حكم واحد فيما ذكرنا. إذ المخالفة الشرعية لا ينافي الطاعة الطبيعية والعالم بأسره مطيع لله تعالى ولجميع أجزائه عبودية ذاتية ودين فطري والكل على سنة واحدة و لن تجد لسنة الله تبديلا إلا أن بعض الناس لأجل سلطان الوهم واستيلاء الشيطان عليهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم والله يقول: و نحن أقرب إليه من حبل الوريد ومع ذلك بعدوا عن الحق بعدا شديدا وضلوا ضلالا بعيدا فاحترقوا بنار جهنم التي كأنها شعلة من نيران الحرمان والبعد عن رحمة الله تعالى والغرض من هذا الكلام الذي يتحرك به سلسلة المجانين أن سبب الموت الطبيعي كما مر سابقا هو قوة النفس وفعلية وجودها وتجوهرها. وهذا أصل شريف نافع في تحقيق كثير من المطالب منها دفع مذهب التناسخ.
ومنها دفع مفسدة التناسخ في معاد النفس إلى البدن ومنها كيفية تجسم الأعمال يوم القيامة وأن ما يراه النفس في القبر عند البعث ويتخيله أمور عينية وموجودات خارجية لا ما ذهب إليه جماعة ممن لا خبرة لهم بنحو وجود العوالم وكيفية تحقق النشئات ولم يعلموا أن كلما رآه النبي ص في حياته من الوحي وكان يشاهده من المغيبات كان من الموجودات العينية والأمور الخارجية مع كونها غائبة عن الأبصار محجوبة عن أنظار النظار لا أنها مجرد أمور وهمية مثالية لا تحقق لها عينا.
ومن توهم أن مشاهدات النبي ص ليلة المعراج كانت أمورا وهمية وأشياء مثالية