وأما المقلى بالزيت فهو أغلظ البيض وأذمه جوهرا وأخصه إلى الاستحالة بالدخانية وجنس المرار وأثقله على المعدة وأبعده انهضاما. ولذلك صار مولدا للبشم والتخم لأنه إذا استحال وفسد، فسد بفساده ما يصحبه من الغذاء ومنع من جودة الهضم. وأما المطبوخ بالماء والزيت والبصل والأبازير فسريع الانهضام والانحدار كثير الغذاء محمود الجوهر زائد في المني معين على الباه، لا سيما إذا قلي (١) بشراب ريحاني عذب. لكن من الواجب أن يطبخ البصل والزيت والملح والأبازير بدوا طبخا بليغا حتى ينضج نضجا تاما كاملا، ويضرب البيض بشئ من شراب حتى يختلط ثم يلقى في القدر ويحرك جيدا وينزل عن النار ويصير عليه إلى أن ينضج البيض وينعقد نصف انعقاده ويؤكل. وعلى هذا المثال يجب أن يفعل بالبيض المفقوس على الاسفيذباجات وهو أن تطبخ القدر حتى يكمل نضجها ثم يفقس البيض في غضارة ويضرب جيدا حتى يختلط ويلقى في القدر ويحرك جيدا وينزل عن النار ويترك حتى ينعقد البيض نصف انعقاده ويستعمل. وأما المفقوس على المتقبلات (٢) فيجب أن يفقس في القدر بعد كمال نضجها وهو صحيح من غير أن يحرك القدر وينزل عن النار ويترك حتى ينعقد البيض نصف انعقاده ويستعمل، ولا يجاوز به هذا المقدار المنعقد.
ومن منافع البيض على سبيل الدواء: أنه إذا سلق بخل على نار جمر لا دخان لها وأكل، قوى المعدة والأمعاء وجفف المواد المنصبة إليها. وإذا سلق بماء الحصرم أو بماء الرمان الحامض أو حماض الأترج أو ما شاكل ذلك، كان أشد تسكينا للحرارة وتقوية للمعدة والأمعاء، وأقوى على قطع المادة المنصبة إليها وأنفع من الاسهال المري والاسهال العارض من ضعف الكبد. وإذا سلق بماء السماق والزعرور والمقل المكي والغبيراء، كان فعله في تقوية المعدة والأمعاء وقطع الاسهال أقوى كثيرا وأفعل في الاسهال المتقادم العارض من زلق الأمعاء. <وكذلك> أن يسلق بماء قد طبخ فيه طراثيث (3) وبلوط وشاهبلوط وزبيب منزوع العجم وشئ من ورد الرمان وقشره.
ومن منافعه أيضا على سبيل الدواء: أنه إذا عمل منه بجملته ضماد بدهن ورد وحمل منه على الأورام العارضة في أجفان الأعين وأورام الثديين وأصول الآذان، بل المواضع وحلل أورامها. وأما مح البيض على الانفراد، فإنه لما كان حارا لينا، صار التحليل فيه أقوى. ولذلك صار إذا عمل فيه ضماد بدهن بنفسج، لين الأورام الحارة وأسرع نضجها وحلل ما لم يجتمع فيها. وإذا عمل منه ضماد بدهن الورد، حلل أورام الأجفان وسكن ألمها. وإذا خلط بمرهم قيروطي المعمول من الشمع المغسول بالماء البارد ودهن ورد، قوي فعله في تسكين الحرارة وحلل الأورام الحارة. فإن كانت الأورام تحتاج إلى التقوية أكثر، جعلت مح البيض مشويا. وإن كانت تحتاج إلى التحليل أقل، جعلت مح البيض نيا. وإذا عمل من مح البيض ضماد بدهن ورد ويسير من زعفران وشئ من مر، حلل الأورام المتولدة من الدم