وإذا أخذ من رمادها وزن ثلاثة دراهم مع مثقال ونصف جنطيانا (١) وشرب بشراب ريحاني، نفع من عضة الكلب الكلب. وزاد جالينوس في هذا الدواء الكندر ربع مثقال ونصف عشر مثقال، يكون ذلك دانقين (٢) ونصف وكسر من حبة. وذكر جالينوس أن السرطانات تحرق على ضروب وأفضل إحراقها أن تؤخذ حية فتجعل في كوز من نحاس أحمر وتصير في قدر أو تنور حتى تصير رمادا. ويكون ذلك في زمان الصيف عند طلوع الشعرى اليمانية والشمس في الأسد، والقمر في الحمل في ثمانية عشر يوما من آب. وحكى عن رجل من الأوائل يقال له أكسيرين (٣) أنه كان يتخذ رماد السرطانات عنده دائما ويعالج به وحده من عضة الكلب الكلب، وكان يصير الشربة منه في ابتداء العلة ملعقة واحدة يذرها (٤) على الماء ويسقيها للمنهوش. فإذا لم يتفق له أن يشفى <من> هذا الدواء في ابتداء العلة، ورأى أنه قد مضى له أياما، أسقى ملعقتين.
وزعم أنه ما كان يقصد من السرطانات إلا النهرية لقلة تجفيفها ولطافة فعلها. وإذا اعترض عليه واحد وقال له: ولم لا تستعمل رماد السرطانات البحرية؟ قال: لان ليس معها من المضادة لسم الكلب الكلب ما مع السرطانات النهرية، لان سم الكلب الكلب في غاية اليبس والتجفيف (5)، ولذلك صار المنهوش وهو بتلك الحال يعطش والسرطانات البحرية فقوية التجفيف جدا لاكتسابها ذلك من ملوحة ماء البحر. ولذلك صار بينها وبين السم الكلبي مجانسة ومشاكلة. فهي لذلك زائدة بالسم لتقومها بفعله، والسرطانات النهرية ليست كذلك لان الذي معها من اليبس لا يفنى إلا بفناء السم فقط من غير أن تفعل في رطوبة البدن الجوهرية شيئا.
وحكي عنه أيضا أنه كان إذا اعترض عليه بكل ما في الأنهار، وقيل له: لم لا كان ما في الأنهار من الحيوان يفعل مثل ذلك في عضة الكلب الكلب؟ قال: لان ليس في طبيعته شئ منها إذا أحرق بالنار أن يصير فيه من التجفيف والتلطيف ما يصير في السرطانات إذا أحرقت. ولذلك صار أخص بذلك من غيره من حيوانات الأنهار.
وإذا طبخ السرطان النهري كانت مرقته ملطفة للبطن مدرة للبول نافعة من قروح الرئة. ومما يختص به السرطان النهري والبحري جميعا، وإن كان البحري أقوى فعلا في ذلك، أنه إذا دق وهو ني وشرب بلبن الأتن، نفع من نهش الرتيلاء ولذع العقارب. وإذا دق مع الباذروج وقرب من العقرب، قتلها. وإذا طبخ، كانت مرقته نافعة من نهش الأرنب البحري. وإذا دق وخلط رماده بعسل، نفع من شقاق اليدين والرجلين العارض من البرد ومن الشقاق العارض في المقعدة.
* * *