نعم، ربما يظهر من الكتاب في سورة النور: (ليس على الأعمى حرج...) إلى قوله تعالى: (ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم...) إلى آخر الآية: (أو صديقكم) (1) أنه في غير هذه المواقف، ممنوع الأكل والتصرف عند الشبهة، ضرورة أن الآية سيقت لإفادة الترخيص في موارد الشبهة، وإلا فيجوز مع العلم بالرضا الأكل من بيوت الأعداء، ولو كان سائر البيوت مثلها في جواز الأكل - اتكالا على عمومات الحل والبراءة - لما كان وجه لذكرها بهذا النحو من التفصيل الطويل.
بل الكتاب جعل هذه العناوين أمارات طيب النفس والتصرفات المتعارفة، لا مطلق التصرف كما لا يخفى. ففي غير هذه العناوين إما تكون الأمارات على خلاف الطيب، أو لا بد من الأخذ بنتيجة ذلك، وهو المنع من الأكل والشرب وسائر التصرفات، ومنها التوضي، والله العالم بحقائق آياته.
ومما يشهد على أن هذه العناوين أمارات حصول الرضا والإذن، عطف البيوت الأجنبية على بيوت أنفسهم، فليتدبر حقه. وسيأتي زيادة توضيح حول هذه المسألة في طي المسائل الآتية، إن شاء الله تعالى.
ثم إن من المحتمل انصراف أدلة الحل عن موارد الشك في الحلية والحرمة غير الثابتتين، كحلية مال الغير وحرمته اللتين هما تابعتان للإذن وعدمه، بخلاف الحلية والحرمة الثابتتين للماء والخمر، فافهم.
هذا، ويمكن التمسك باستصحاب عدم الطيب إذا شك في تحققه.