أن ما مع المتقدم متقدم، فلا يكون له المعارض فرضا.
وأن العلم الاجمالي بالتكليف في الأطراف، لا يعقل تنجيزه التكليف الأول في الملاقي، ولا علم إجمالي آخر بالتكليف الثاني، ضرورة أن من شرائط تأثيره العلم بحدوث التكليف، مع أن العلم الثاني ليس متعلقا بتكليف ثان، وأن المتنجز لا يتنجز.
ولكن مع ذلك كله، في المسألة بعض شبهات تورث لزوم الاجتناب، ضرورة أن نظر العقل الدقيق فيما إذا علمنا إجمالا: بوجوب أحد الشيئين، ثم توجهنا إلى أن الواجب أحد الثلاثة، هو سقوط الصورة العلمية الأولية، وحدوث الصورة العلمية الأخرى.
فإذا علمنا: بنجاسة أحد الإناءين، وعلمنا بحرمة شرب واحد غير معين منهما، ثم حصلت الملاقاة، فيسقط العلم الأول، ويصير ثلاثيا، بمعنى أنا بعد ذلك نعلم: بأنه إما يكون المبغوض هذا الإناء، أو المبغوض هذا وذاك معا، فلا ينبغي الخلط بين نظر العقل والعرف.
هذا مع أن فيما سلمناه نظرا، بل أنظارا تأتي تدريجا: وهو أن الحكم بنجاسة الملاقي غير ممكن، ولا بنجاسة الملاقي، وهذا واضح لا غبار عليه، ولكن إدراك الملازمة بين الملاقي والملاقى، يستلزم لزوم الاجتناب، والتفكيك لا يمكن إلا بالأصل التعبدي، فإن ثبت أن الأصل في الطرف، لا يعارض الأصلين في الملاقي والملاقى معا فهو، وإلا فلا بد من الاحتياط.
وغاية ما قيل هنا: أن الأصل الجاري في الطرف، مقدم على الأصل الجاري في الملاقي، لأن الأصل الجاري في الملاقي مقدم عليه، وهو في