الخروج من مكة إلى المدينة، أنزل عليه الحدود وقسمة الفرائض، وأخبره بالمعاصي التي أوجب الله عليها وبها النار لمن عمل بها، وأنزل في بيان القاتل: ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما. ولا يلعن الله مؤمنا قال الله عز وجل: إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا).
أما لعن المعصوم لأحد فمعناه: أن الله تعالى لعنه وأخرجه من الإيمان وحكم عليه باستحقاق العذاب، ولذا قد يهدد المعصوم أناسا باللعن ليردعهم بذلك عن معصيتهم، كما هدد الإمام الصادق عليه السلام تاركي الأمر بالمعروف! (الكافي: 8 / 158) ولذلك لا تجد في مصادرنا لعنا غير منطقي، فلا امرأة تلعن ناقتها فتصير ملعونة، فيأمر النبي صلى الله عليه وآله بطردها من الخدمة! ولا رجل يلعن بعيره كذلك!
ولا أثر للعن الناس على حيوان أو إنسان أو طعام، ولو أتعب اللاعن نفسه من الصباح إلى المساء! بل لعنه لغو أو عبث، أو ظلم يرجع على صاحبه، إلا أن يكون لمن ثبت استحقاقه للعن بنص الله تعالى ورسوله وآله صلى الله عليه وآله فيقع في محله.
وعليه، فإن لعن معاوية وبني أمية لعلي وأهل بيته عليهم السلام ليس أكثر من ظلامة يرجع اللعن فيها على فاعليها والآمرين بها، ويرجع ثوابه للمظلومين الطاهرين.
وفي المقابل، فإن الملعون بحق كزعماء قريش وبني أمية، وكافة من صدر فيهم لعن في القرآن أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، أو لسان أحد من المعصومين من عترته عليهم السلام، لا ينفعه أن يمدحه الناس ويعظموه ويقدسوه! فهو ملعون من قرنه إلى قدمه، شاء أم أبى، وشاء الخلق أم أبوا، ولا وسيلة ولا حيلة لرد اللعن عنه، أو تخفيفه عليه، كما أراد رواة قريش لزعمائهم!
ففي الكافي: 2 / 187، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: (ما اجتمع ثلاثة من المؤمنين فصاعدا إلا حضر من الملائكة مثلهم، فإن دعوا بخير أمنوا، وإن استعاذوا من شر