أني لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك! ولكني أستأذنه فيك!
قال جلام: وكنت أحب أن أرى أبا ذر، لأنه رجل من قومي، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين في ظهره حناء، فأقبل على معاوية وقال: ما أنا بعدو الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر، ولقد لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله ودعا عليك مرات أن لا تشبع! سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه. فقال معاوية: ما أنا ذلك الرجل! قال أبو ذر: بل أنت ذلك الرجل! أخبرني بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسمعته يقول وقد مررت به: اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب! وسمعته صلى الله عليه يقول: إست معاوية في النار! فضحك معاوية وأمر بحبسه، وكتب إلى عثمان فيه، فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جندبا إلي على أغلظ مركب وأوعره، فوجه به مع من سار به الليل والنهار، وحمله على شارف ليس عليها قتب، حتى قدم به إلى المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد! فلما قدم بعث اليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت! قال: بمكة. قال: لا. قال: بيت المقدس. قال: لا. قال: بأحد المصرين. قال: لا ولكني مسيرك إلى الربذة فسيره إليها فلم يزل بها حتى مات)! (وشرح النهج: 8 / 257، والغدير: 8 / 304، و: 10: 142).
وفي مروج الذهب / 584: (فكتب معاوية إلى عثمان: إن أبا ذر تجتمع إليه الجموع ولا آمن أن يفسدهم عليك! فإن كان لك في القوم حاجة فاحمله إليك، فكتب إليه عثمان بحمله، فحمله على بعير عليه قتب يابس، معه خمسة من الصقالبة يطيرون به! (أي يعنفون به السير ولا يرحموه، والصقلبي الأصهب الشعر من منطقة بلغاريا - معجم البلدان: 3 / 416) حتى أتوا به المدينة وقد تسلخت بواطن أفخاذه، وكاد