هذه الخؤولة المزعومة إنما أذكرها في موضع آخر تختص به إن شاء الله تعالى.
وأما قولك (وكاتب وحي رب العالمين) فليس بصحيح أيضا، وذلك لأن معاوية أسلم عام الفتح، وهو وأبوه من الطلقاء، وقد أسلم في أوقات قد فرغ فيها نزول الوحي، ووصل عند قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا. فماذا سيكتب معاوية بعد هذا؟! وقد ذكر الحافظ الذهبي في السير (3 / 123) عن أبي الحسن الكوفي قال: كان زيد بن ثابت كاتب الوحي، وكان معاوية كاتبا فيما بين النبي وبين العرب. وكذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في الإصابة: وليكن معلوما أنه أيضا ما كتب للنبي (ص) إلا ثلاث رسائل)! ثم ليعلم علما أكيدا، أن كتابة معاوية للوحي على فرض أنها صحيحة كما يزعم ابن كثير، ليست عاصمة له مما وقع فيه مما قدمنا بعضه وسنذكر تمامه في بحث علمي مستقل إن شاء الله تعالى، بدليل أن عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب للنبي (ص) الوحي في مكة أول ما نزل الوحي، ارتد وخرج من الإسلام بعد ذلك كما في ترجمته في كتب الحفاظ والمحدثين ومنها كتاب سير أعلام النبلاء (3 / 33) والإصابة لابن حجر وغير ذلك، وروى أبو داود في سننه (4 / 128 برقم 4358) بسند حسن عن ابن عباس قال: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله (ص) فأزله الشيطان فلحق بالكفار، فأمر به رسول الله (ص) أن يقتل يوم الفتح.... انتهى.
فهذه ثلاثة براهين تبطل قول ابن كثير في تفضيل معاوية بكتابة الوحي، وتجتث هذه الفضيلة من جذورها). انتهى.
وقال الشهيد نور الله التستري في كتابه إحقاق الحق / 262: (إن ما ذكره من أن معاوية كان كاتب الوحي غير مسلم، وإنما كان كاتب الصدقات، كما حققه