الذي كان يكتب الوحي من بدء نزوله وكتب القرآن كله بإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله. وأبي بن كعب، وخالد بن سعيد بن العاص، وأخوه أبان، وبريدة بن الحصيب، وأبي بكر وعمر وعثمان وعمرو بن العاص، وزيد بن ثابت، وحنظلة بن الربيع، والزبير بن العوام، وغيرهم. ومنهم ابن أبي سرح الذي كفر وهرب إلى مكة.
وفي مسند أحمد: 3 / 222 ومنتخب عبد بن حميد / 381: (عن أنس قال: كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب لرسول الله (ص) فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب، قال فرفعوه قالوا هذا كان يكتب لمحمد وأعجبوا به، فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم! فحفروا له وواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها، ثم عادوا فحفروا له وواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها فتركوه منبوذا)! (ومسلم: 8 / 124، والبيهقي في عذاب القبر / 56).
الثالثة تدرج معاوية في ادعائه من: كاتب شئ للنبي صلى الله عليه وآله، إلى كاتب عند النبي، إلى كاتب الوحي، إلى مختار وحيد من الله من عترة النبي صلى الله عليه وآله لكتابة الوحي! فكان طبيعيا لمحبيه وعباده أن يزيدوا عليه، فقد فضله بعضهم على الأنبياء عليهم السلام، ففي نثر الدرر / 1360: (حدث أن ثلاثة من المشايخ حضروا الجامع، فقال واحد لآخر: جعلت فداك أيهما أفضل: معاوية بن أبي سفيان أم عيسى بن مريم؟ فقال: لا والله ما أدري! فقال الثالث: يا كشخان، تقيس كاتب الوحي إلى نبي النصارى؟!).
بل وصل الأمر عند بعضهم أنهم جعلوا معاوية غير مخلوق! لأن كلام الله تعالى غير مخلوق ومعاوية كاتبه فهو مثله! ففي غرر الخصائص للوطواط / 213: (وسئل آخر وكان ناصبيا عن معاوية؟ فقال: معاوية ليس بمخلوق لأنه كاتب الوحي والوحي ليس بمخلوق، وكاتب الوحي من الوحي). انتهى.