نشأت تحلف إن ودك لي * صاف وحبلك غير منحذق وحسبتني فقعا بقرقرة * فوطأتني وطئا على حنق ونصبتني علما على غرض * ترمينني الأعداء بالحدق وظننت أرض الله ضيقة * عني وأرض الله لم تضق من غير ما جرم سوى ثقة * مني بوعدك حين قلت ثق ومودة تحنو عليك بها * نفسي بلا من ولا ملق فمتى سألتك حاجة أبدا * فاشدد بها قفلا على غلق وقف الإخاء على شفا جرف * هار فبعه بيعة الخلق واعد لي قفلا وجامعة * فاشدد يدي بها إلى عنقي أعفيك مما لا تحب بها * وأسدد علي مذاهب الأفق ما أطول الدنيا وأعرضها * وأدلني بمسالك الطرق خبره مع رجل من ولد الزبير بن العوام الأغاني عن الحسن بن علي عن ابن مهرويه عن أبيه قدم دعبل الدينور فجرى بينه وبين رجل من ولد الزبير بن العوام كلام فاستعدى عليه الزبيري عمرو بن حميد القاضي وقال هذا شتم صفية بنت عبد المطلب وهي أم الزبير واجتمع عليه الغوغاء فهرب دعبل وبعث القاضي إلى دار دعبل فوكل بها وختم بابه فوجه إليه دعبل برقعة فيها ما رأيت قط أجهل منك إلا من ولاك تحكم على خصم غائب ويقبل عقلك إني شيعي أشتم صفية بنت عبد المطلب سخنت عينك أفمن أدين الشيعة شتم صفية قال ابن مهرويه قال أبي فسألني القاضي عن هذا الحديث فحدثته فقال صدق والله دعبل في قوله لو كنت مكانك لوصلته وبررته.
أخباره مع أبي سعد المخزومي عيسى بن الوليد كان بين دعبل وأبي سعد المخزومي عداوة ومهاجاة وكان أبو سعد شاعرا وقد روى صاحب الأغاني في سبب المهاجاة بينهما أن دعبلا ورزينا نزلا بقوم من بني مخزوم فلم يقروهما ولا أحسنوا ضيافتهما فقال فيهم دعبل:
عصابة من بني مخزوم بت بهم * بحيث لا تطمع المسحاة في الطين ثم قال لرزين أجز فقال:
في مضغ أعراضهم من خبزهم عوض * بني النفاق وأبناء الملاعين قال محمد بن الأشعث فكان هذا أول الأسباب في مهاجاته لأبي سعد قال المؤلف كان أولى بدعبل وأخيه أن يقولا كما قال الحماسي الطائي:
ولست بهاج في القرى أهل منزل * على زادهم أبكي وأبكي البواكيا فاما كرام مؤسرون لقيتهم * فحسبي من ذو عندهم ما كفانيا وإما كرام معسرون عذرتهم * وأما لئام فادكرت حيائيا فلله دره إذ قسم الذين ينزل بهم إلى ثلاثة أقسام كرام مؤسرون وكرام معسرون ولئام مؤسرون أو معسرون فالقسم الأول لا بد أن يقدموا لي من الزاد ما يكفيني فلماذا أهجوهم والقسم الثاني لا يقصرون إلا عن عجز فيجب أن أعذرهم والقسم الثالث يمنعني الحياء من هجائهم. ويأتي في المناقضة بين دعبل والكميت أن دعبلا كان يتعصب للنزارية على القحطانية وأنه قال قصيدة يرد فيها على الكميت في قصيدته التي هجا بها قبائل اليمن فناقض أبو سعد دعبلا بقصيدة فكان هذا هو الذي هاج الهجاء بينهما وقال أبو سعد في دعبل:
وأعجب ما سمعنا أو رأينا * هجاء قاله حي لميت وهذا دعبل كلف معنى * بتسطير الأهاجي في الكميت وما يهجو الكميت وقد طواه * الردى إلا ابن...
وروى صاحب الأغاني أن أبا سعد المخزومي لما ناقض دعبلا في قصيدته التي رد فيها على الكميت وهاجاه وتطاول الشر بينهما خاف بنو مخزوم لسان دعبل وأن يعمهم بالهجاء فنفوا أبا سعد عن نسبهم وأشهدوا بذلك على أنفسهم وكتبوا عليه كتابا أنه ليس منهم فاتى أبو سعد بخاتمه إلى النقاش فنقش عليه أبو سعد العبد بن العبد برئ من بني مخزوم تهاونا بما فعلوه.
وفي الأغاني كان أبو سعد يجلس مع بني مخزوم في دار المأمون فتظلموا منه إلى المأمون وذكروا أنهم لا يعرفون له فيهم نسبا فأمرهم المأمون بنفيه فانتفوا منه وكتبوا بذلك كتابا فقال دعبل يذكر ذلك من قصيدة طويلة:
غير أن الصيد منهم * قد نفوه بخزايه كتبوا الصك عليه * فهو بين الناس آية فإذا أقبل يوما * قيل قد جاء النفاية وقال فيه أيضا:
هم كتبوا الصك الذي قد علمته * عليك وشنوا فوق هامتك القفرا وفي الأغاني كان سبب مناقضة دعبل أبا سعد المخزومي وما خرج إليه الأمر بينهما قول دعبل قصيدته التي هجا فيها قبائل نزار فحمي لذلك أبو سعد فهجاهم فأجاباه دعبل ولج الهجاء بينهما. وفي الأغاني بسنده أن سبب وقوع الهجاء بين دعبل وأبي سعد قول دعبل في قصيدة له يفخر فيها بخزاعة ويهجو نزارا وهي التي يقول فيها:
أتانا طالبا وعرا * فأعقبناه بالوعر وترناه فلم يرض * فأعقبناه بالوتر فغضب أبو سعد وقال قصيدته التي يقول فيها لدعبل وهي مشهورة:
وفي الكرخ هوى أبقى * من الدهر على الدهر هوى والحمد لله * كفاني كلفة العذر