فخرجوا معه إلى الباب فعاد أحدهم وبيده قرطاس وقال دفعها إلي أبو سعد المخزومي وأمرني أن أدفعها إليك فإذا فيها:
لدعبل منة يمن بها * فلست حتى الممات أنساها أدخلنا داره فأطعمنا * وبعده شطر فيه فحش كالبيت الذي أنشده الغلام فقلت هاتوا الجلد والدواة فردوهما فعدت إلى هجائه ولقيته بعد ذلك فما سلم علي ولا سلمت عليه.
خبره مع الفضل بن العباس بن الأشعث الأغاني بسنده عن الحسين بن دعبل كان أبي يختلف إلى الفضل بن العباس بن جعفر بن محمد بن الأشعث وهو خرجه وفهمه وأدبه فظهر له منه جفاء وبلغه أنه يعيبه وينال منه فقال يهجوه:
يا بؤس للفضل لو لم يأت ما عابه * يستفرغ السم من صماء قرضابه ما أن يزال وفيه العيب يجممه * جهلا لأعراض أهل المجد عيابه إن عابني لم يعب إلا مؤدبه * ونفسه عاب لما عاب آدابه فكان كالكلب حذاه مكلبه * لصيده فعدا فاصطاد كلابه وبسنده عن الحسين بن أبي السري: غضب دعبل على أبي نصر بن محمد بن الأشعث وكان دعبل مؤدبه قديما لشئ بلغه عنه فقال يهجو أباه:
ما جعفر بن الأشعث * عندي بخير أبوة من عثعث عبثا تمارس بي تمارس حية * سوارة إن هجتها لم تبث لو يعلم المغرور ماذا حاز من * خزي لوالده إذا لم يعبث فلقيه عثعث فقال له أي شئ كان بيني وبينك حتى ضربت بي المثل في خسة الآباء فضحك وقال لا شئ والله إلا اتفاق اسمك واسم ابن الأشعث في القافية أولا ترضى أن أجعل أباك وهو أسود خيرا من آباء الأشعث بن قيس اه وهذا جرته القافية.
ما وقع بينه وبين مسلم ابن الوليد قال ابن خلكان كان بين دعبل ومسلم بن الوليد اتحاد كثير وعليه تخرج دعبل في الشعر فاتفق أن ولي مسلم جهة في بعض بلاد خراسان أو فارس وهي جرجان ولاه إياها الفضل بن سهل فقصده دعبل لما يعلمه من الصحبة التي بينهما فلم يلتفت مسلم إليه ففارقه وعمل: غششت الهوى حتى تداعت أصوله الأبيات الآتية:
وفي الأغاني بسنده عن الفتح غلام أبي تمام قال حدثني مولاي أبو تمام قال ما زال دعبل مائلا إلى مسلم بن الوليد مقرا بأستاذيته حتى ورد عليه جرجان فجفاه مسلم وكان فيه بخل فهرجه دعبل وكتب إليه:
أبا مخلد كنا عقيدي مودة * هوانا وقلبانا جميعا معا معا أحوطك بالغيب الذي أنت حائطي * وابخع إشفاقا لأن تتوجعا فصيرتني بعد انتحائك متهما * لنفسي عليها أرهب الخلق أجمعا غششت الهوى حتى تداعت أصوله * بنا وابتذلت الوصل حتى تقطعا وأنزلت من بين الجوانح والحشى * ذخيرة ود طال ما قد تمنعا فلا تعذلني ليس لي فيك مطمع * تخرقت حتى لم أجد لك مرقعا فهبك يميني استأكلت فقطعتها * وجشمت قلبي صبره فتشجعا ويروى وحملت قلبي فقدها ثم تهاجرا فما التقيا بعد ذلك اه.
خبره مع إبراهيم بن العباس في تاريخ دمشق قال لإبراهيم بن العباس وكانه الصولي أريد أن أصحبك إلى خراسان فقال له إبراهيم حبذا أنت صاحبا مصحوبا إن كنا على شريطة بشار فقال له وما شريطته فقال قوله:
أخ خير من آخيت أحمل ثقله * ويحمل عني إذ أحمله ثقلي أخ إن نبا دهر به كنت دونه * وإن كان كون كان لي ثقة مثلي أخ ماله لي لست أرى أرهب بخله * ومالي له لا يرهب الدهر من بخلي قال ذلك ومزية فاصطحبا.
خبره مع علي بن عيسى الأشعري في تاريخ دمشق عن عبد الله بن طاهر أن دعبلا قال في علي بن عيسى الأشعري يمدحه:
فلا تفسدن خمسين ألفا وهبتها * وعشرة أحوال وحق تناسب وشكرا تهاداه الرجال تهاديا * إلى كل مصر بين جاء وذاهب بلا زلة كانت وإن تك زلة * فان عليك العفو ضربة لازب ثم قال يهجوه:
أخزاعة غبر الكرام فاقصروا * وضعوا عمائمكم على الأفواه فدعوا الفخار فلستم من أهله * يوم الفخار ففخركم بشياه هكذا جاء في تاريخ دمشق المطبوع فنسبه أولا الأشعري ثم قوله أخزاعة يدل على إنه خزاعي والأشعرون ليسوا من خزاعة فيوشك أن يكون وقع سقط في البين والله أعلم.
بعض أخباره وفي تاريخ دمشق قال دعبل: كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت مع الناس فإذا أنا بفتى يجر رمحه بين يدي فالتفت فنظر إلي فقال لي أنت دعبل قلت نعم قال اسمع مني بيتين فأنشدني:
أنا في أمري رشاد * بين غزو وجهاد بدني يغزو عدوي * والهوى يغزو فؤادي ثم قال كيف ترى قلت جيد قال والله ما خرجت إلا هاربا من الحب فلما التقينا كان أول قتيل قال ابن يونس قدم دعبل مصر هاربا من المعتصم لهجوه إياه وخرج منها إلى المغرب إلى بني الأغلب وكان يجالس بمصر جماعة من أهل الأدب وكان خبيث اللسان قبيح الهجو.
خبره مع بني مكلم الذئب من خزاعة الأغاني بسنده فخر قوم من خزاعة على دعبل يقال لهم بنو مكلم