دعبل أول داخل وآخر خارج من عنده ولم يشعر بأسى منه اه.
انشادها الرضا ثم المأمون بحضرة الرضا ع واخذه الجائزة من المأمون والرضا والفضل بن سهل وخبره مع اللصوص الأكراد والقميين في امر الجبة ذكر جماعة انه أنشدها الرضا ع بمرو. وفي النبذة المختارة للمرزباني المتقدم إليها الإشارة: قال دعبل لما قلت مدارس آيات نذرت ان لا اسمعها أحدا قبل الرضا ع فسرت إليه وكان ولي عهد المأمون بخراسان فلما وصلت إليه أنشدته إياها فاستحسنها وقال لا تنشدها أحدا حتى آمرك واتصل خبري بالمأمون فأحضرني وأمرني بانشادها فقلت لا أعرفها فقال يا غلام سل ابن عمي الرضا ان يحضر فلما حضر قال له يا أبا الحسن قلت لدعبل ينشدني مدارس آيات فذكر انه لا يعرفها فالتفت إلي الرضا ع وقال أنشدها فاندفعت أنشد ولم ينكر علي المأمون إلى أن بلغت إلى قولي:
وآل رسول الله نحف جسومهم * وآل زياد غلظ القصرات فقال والله لأنحلنها ثم تممتها وامر لي بخمسين ألف درهم وامر لي الرضا ع بمثلها فقلت يا سيدي أريد ان تهب لي ثوبا يلي بدنك أتبرك به واجعله كفنا فوهب لي قميصا ابتدله ومنشفة وقيل ومبطنة ووصلني الفضل بن سهل وحملني على برذون اصفر وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز سوسي وبرنس منه فامر لي به ودعا بغيره وقال انما آثرتك بذاك لأنه خير الممطرين فأعطيت به ثمانين دينارا فلم تطب نفسي ببيعه وقضيت حوائجي وكررت إلى العراق فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالشاذنجان فسلبوني وسلبوا القافلة وكان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي علي وكبر أسفي على الثوب والمنشفة التي وهبها لي الرضا ع وجعلت أحدث نفسي انني اسالهم إياها فبينا انا في غمرة الفكر إياها إذ مر بي أحد الأكراد وتحته البرذون الأصفر الذي حملني عليه ابن سهل وعليه الممطر فوقف بالقرب مني فلما رأى نهاب القافلة أنشد:
أرى فيأهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات ثم بكى توجعا لأهل البيت ع واستمر في انشاد القصيدة وهو يبكي فلما رأيت ذلك عجبت من لص كردي يتشيع وطمعت في القميص والمنشفة فدنوت منه فقلت يا سيدي لمن هذا الشعر فقال ما أنت وذاك ويلك قلت لي فيه سبب أخبرك به قال هذه القصيدة صاحبها أشهر من أن يجهل قلت فمن هو قال دعبل شاعر آل محمد ص وجزاه خيرا قلت فانا والله دعبل وهذه قصيدتي فقال أتدري ما تقول قلت الامر أشهر من ذلك سل من أحببت من أهل القافلة يخبرك بصحة قولي قال إذا والله لا يذهب لاحد من القافلة خلال فما فوقه والحمد لله الذي أقدرني على قضاء حقك يا شاعر آل محمد ثم نادى في الناس من اخذ شيئا فليرده على صاحبه فرد علي وعلى الناس جميع أموالهم حتى لم يضع لاحد منا عقال فلما وصلت قم أعطيت بالمبطنة ألف دينار فقلت لا والله ولا خرقة منها فلما خرجت منها وقف لي بعض احداث قم فقطعوا علي الطريق واخذوا المبطنة فعدت إلى قم وناشدتهم بصاحب المبطنة فاعترفوا لي بها وقالوا لم نفعل هذا الا رغبة في التبرك بها وما كنا نطوي عنك علم ما فعلنا فخذ الألف دينار وأعطنا اي القشرين شئت فاخترت البطانة لقربها من جسمه ص وأعطوني ألف دينار ثمن الظهارة اه.
وفي الأغاني قصد دعبل بهذه القصيدة أبا الحسن علي بن موسى الرضا ع بخراسان فأعطاه عشرة آلاف درهم من الدراهم المضروبة باسمه وخلع عليه خلعة من ثيابه فأعطاه بها أهل قم ثلاثين ألف درهم فلم يبعها فقطعوا عليه الطريق فأخذوها فقال لهم انها انما تراد لله عز وجل وهي محرمة عليكم فدفعوا له ثلاثين ألف درهم فحلف ان لا يبيعها أو يعطوه بعضها ليكون في كفنه فاعطوه فرد كم فكان في أكفانه وفي رجال الكشي. قال أبو عمرو الكشي بلغني ان دعبل بن علي وفد على أبي الحسن الرضا ع بخراسان فلما دخل عليه قال إني قد قلت قصيدة وجعلت في نفسي ان لا أنشدها أحدا أولى منك فقال هاتها فأنشد قصيدته التي يقول فيها:
ألم ترني مذ ثلاثين حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات أرى فيأهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات فلما فرغ من انشادها قام أبو الحسن ع ودخل منزله وبعث إليه بخرقة فيها ستمائة دينار وقال للجارية قولي له يقول لك مولاي استعن بهذه على سفرك واعذرنا فقال دعبل لا والله ما هذا أردت ولا له خرجت ولكن قولي له هب لي ثوبا من ثيابك فردها عليه أبو الحسن ع وقال له خذها وبعث إليه بجبة من ثيابه فخرج دعبل حتى ورد قما فنظروا إلى الجبة فاعطوه بها ألف دينار فأبى عليهم وقال لا والله ولا خرقة منها بألف دينار ثم خرج من قم فاتبعوه وقد جمعوا عليه واخذوا الجبة فرجع إلى قم وكلمهم فيها فقالوا ليس إليها سبيل ولكن ان شئت فهذه ألف دينار وخرقة منها. وروى الصدوق في العيون في هذا الخبر بوجه أبسط فروى بسنده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال دخل دعبل بن علي الخزاعي على أبي الحسن علي بن موسى الرضا ع بمرو فقال يا ابن رسول الله اني قد قلت فيكم قصيدة وآليت على نفسي ان لا أنشدها أحدا قبلك فقال مدارس آيات البيت فلما بلغ إلى قوله أرى فيأهم البيت بكى أبو الحسن وقال صدقت يا خزاعي فما بلغ إلى قوله:
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم * أكفا عن الأوتار منقبضات جعل أبو الحسن يقلب كفيه ويقول اجل والله منقبضات فلما بلغ إلى قوله:
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها * واني لأرجو الأمن بعد وفاتي قال الرضا ع آمنك الله يوم الفزع الأكبر فلما وصل إلى قوله:
وقبر ببغداد لنفس زكية * تضمنها الرحمن في الغرفات قال الرضا ع أفلا الحق لك بهذا الموضع بيتين بهما تمام قصيدتك قال بلى فقال ع:
وقبر بطوس يا لها من مصيبة * توقد في الأحشاء بالحرقات إلى الحشر حتى يبعث الله قائما * يفرج عنا الهم والكربات