ثانيها الحسين الجعل ذكره ابن شهرآشوب كما يأتي ثالثها أبو عبد الله المعروف بجعل كما في ترجمة المفيد والكل واحد.
أقوال العلماء فيه أصله من البصرة وسكن بغداد وتوفي فيها وكان عالما مشهورا فقيها متكلما مقدما في علمي الفقه والكلام مدرسا فيهما كثيرا مؤلفا مكثرا وهو من مشايخ المفيد. قال ابن شهرآشوب في معالم العلماء الحسين الجعل المتكلم البصري له مصنف في جواز رد الشمس. وفي الرياض لعله غير أبي عبد الله الجعل المعروف بالجعلي الذي قرأ عليه الشيخ المفيد إذ الظاهر أنه من العامة نعم يجوز ان يكون أبو عبد الله من أولاد الحسين هذا اه أقول بل هما واحد فقد قالوا عن شيخ المفيد انه أبو عبد الله المعروف بجعل، لا بالجعلي وقالوا عنه أبو عبد الله جعل والظاهر أنه من أصحابنا لا من العامة كما يأتي وفي تاريخ بغداد الحسين بن علي أبو عبد الله البصري يعرف بالجعل سكن بغداد وكان من شيوخ المعتزلة وله تصانيف كثيرة على مذهبهم وينتحل في الفروع مذهب أبي حنيفة وقال لي القاضي أبو عبد الله الصيمري: كان أبو عبد الله البصري مقدما في علم الفقه والكلام مع كثرة أماليه فيهما وتدريسه لهما وفي لسان الميزان قال أبو إسحاق في الطبقات في فقهاء الحنفية كان رأس المعتزلة صلى عليه أبو علي الفارسي اه وأبو علي الفارسي كان يقال عنه انه معتزلي.
تشيعه : يمكن ان يستدل على تشيعه بذكر ابن شهرآشوب له في المعالم المعد لذكر علماء الشيعة وبتصنيفه في جواز رد الشمس، ويمكن ان يكون تصنيفه في ذلك هو مستند ابن شهرآشوب في الحكم بتشيعه أو هو مع غيره مما اطلع عليه ويمكن ان يستدل على تشيعه أيضا بقراءة المفيد عليه فقد ذكر أصحاب كتب الرجال ان الشيخ المفيد كان من أهل عكبرا ثم انحدر وهو صبي مع أبيه إلى بغداد واشتغل بالقراءة على الشيخ أبي عبد الله المعروف بجعل وكان منزله في درب رياح من بغداد وانه ذهب إلى مجلس علي بن عيسى الرماني وجرت له هناك قصة لقبه الرماني لأجلها بالمفيد وهي ان بصريا سأله عن الغار والغدير فقال: الغار دراية، والغدير رواية والرواية لا تعارض الدراية فقال له المفيد ما تقول فيمن خرج على الإمام العادل فقال كافر ثم استدرك فقال فاسق فقال ما تقول في علي بن أبي طالب أصحاب الجمل هل خرجوا عليه فقال تابوا فقال الخروج دراية والتوبة رواية والرواية لا تعارض الدراية وكتب معه بالحكاية إلى شيخه أبي عبد الله جعل وانه لقبه بالمفيد فجعل يقرؤها ويضحك واما انه كان من شيوخ المعتزلة أو رأس المعتزلة فالظاهر أنه من باب خلط المعتزلة بالشيعة لموافقتهم إياهم في بعض الأصول المعروفة فقد وصف جماعة من علماء الشيعة بأنهم معتزلة حتى قال الذهبي ذلك في حق السيد المرتضى وأما أنه كان ينتحل مذهب الحنيفة في الفروع وذكر أبي إسحاق له في طبقات الحنفية فلعله كان يتستر بذلك والله أعلم.
الحسين بن علي البصري أبو عبد الله.
ذكره صاحب الرياض في موضعين ووصفه في كليهما بالشيخ المرشد وقال في أحدهما كان من قدماء أكابر علماء أصحابنا وعندنا رسالة لطيفة له مشتملة على مسائل في فضائل أمير المؤمنين علي ع استنسخناها من مجموعة عتيقة بخط الوزير الفاضل وقال في الآخر من أكابر العلماء وله كتاب الايضاح ولعله في الإمامة نسبه إليه سبط الحسين بن جبير اه.
الشيخ حسين بن علي البصير الحلي المعروف بابن زقوم.
ولد أكمه في الحلة عام 1290 كما أرخه اليعقوبي أو 96 كما وجدناه في مسودة الكتاب وتوفي سنة 1329 ونقل إلى النجف الأشرف فدفن فيه.
وزقوم لقب أحد أجداده وبه تعرف أسرته اليوم.
ننقل ترجمته مما ذكره الشيخ محمد علي اليعقوبي النجفي في مجلة الاعتدال النجفية ومما وجدناه في مسودة الكتاب فنقول:
نشأ في الحلة بين أدبائها وتخرج بالسماع من الأدباء والفضلاء وكان متوقد الذهن قوي الحافظة شديد الذكاء حفظ القرآن الكريم في صغره وقرأ شيئا كثيرا من الفقه والتفسير على العالم المعروف السيد محمد القزويني وكان سريع البديهة نظم الشعر الجيد المطبوع حتى عبر عنه ببشار الفيحاء وقد أشار إلى ذلك في إحدى قصائده بقوله:
ولي أدب زان بين الورى * بديع القوافي بتبيانها فبعض دعاني بشارها * وبعض دعاني بحسانها كان يزور بيوت العلماء والأفاضل ويغشى أندية الزعماء والأكابر وهو يسكن محلة الجباويين إحدى محلات الحلة الشمالية في الجانب الغربي فإذا قصد زيارة احمد من قاطني المحلات الجنوبية النائية عن داره يتوكأ على هراوة ذكائه ويهتدي على مصباح فطنته في الليل ويعتمد على قائد بصيرته في النهار قال اليعقوبي وكنت أراه يقطع تلك الشوارع في المحلات الشاسعة وحده من دون أحد يدله على السبيل على سعة الحلة وترامي أطرافها. وإذا سئل عن الساعة يضع يده ملتمسا على عقربيها ثم يجيب السائل عن عدد الساعة ودقائقها وإذا ما سئل عن آية من كتاب الله تعالى اخذ المصحف الكريم وفتحه ثم يضع يده على الصفحات التي هي مظنة تلك الآية التي يسأل عنها ولربما تقع يده على نفس الصفحة صدفة واتفاقا إلى كثير من أمثال تلك الغرائب. وقد جمع ديوان شعره في حياته بل قبيل وفاته بقليل وأهداه لأحد ممدوحيه من أصحابه وكان منقطعا إليه وهو حبيب بك ابن محمد نوري باشا بن عبد الجليل ولكنه تلف أثره وقد أخذ عنه جماعة من معاصريه أشهرهم الأديب الشيخ عبد الرزاق السعيد ومن شعره قوله:
بذكراها يلذ لي الهيام * فكيف إذا يلوح لي الوشام أسوم وصالها فتقول كبرا * أما تدري وصالي لا يسام ومن خلف اللثام بها فؤادي * يهيم فكيف لو كشف اللثام ومما زادني كلفا ملام * العذول وبالهوى يغري الملام يقول أ ما علمت هوى العذارى * حمام قلت لذ لي الحمام أما وفتور ألحاظ مراض * بأحشاء المحب لها سهام كأني والعذول على هيامي * بها العيوق والبدر التمام مهفهفة لها طرف سقيم * إلى جسمي سرى منه السقام وقال المرجفون لها ضرير * وهل عشق الضرير لها حرام