وجماعة من المتأخرين - منهم: المدارك والمفاتيح (1) - فقالوا بالبناء على الأقل وإن استحب الإعادة.
واحتجوا له بالصحاح الأربع الأولى - حيث إن نفي الشئ عليه بعد الفوات يدل على استحباب الأمر بالإعادة - وبصدر صحيحة رفاعة المذكورة، وبصحيحة ابن حازم الثانية.
أقول: أما الصحاح الأربع فتضعف بما مر من الاجمال، فإن لكل منها أربعة احتمالات: الحمل على ما بعد الفراغ مع حمل الأمر على الاستحباب، وعلى الأثناء مع الحمل على الاستحباب أيضا، ومع حمله على الوجوب وتخصيص نفي الشئ بما بعد فوات الوقت، كما جوزه بعض شراح المفاتيح.
وعليه يكون في المسألة قول ثالث، إلا أن الظاهر أنه خرق للاجماع، وإبقاء نفي الشئ على ظاهره والقول بأن عدم العلم بتأويل جزء من الحديث لا يضر في الاستدلال بالآخر.
وعلى هذا، فلا يمكن الاستدلال بها لشئ من القولين أو الأقوال.
هذا، مع أن الأخيرة من الأربع محتملة كونها من كلام الصدوق دون جزء الحديث، كما قيل (2).
وأما الأخيرتان فلا شك في عمومهما مطلقا بالنسبة إلى ما ذكرنا، لشمولهما للنافلة واختصاص أكثره بالفريضة، فيجب التخصيص. وحمل الخاص على التجوز وإن كان ممكنا إلا أن التخصيص مقدم في نحو هذه الصورة من التعارض.